والعجز أن أتصدّى لها أو أسير في ركابها ، فإذا بي أعرض عنها ، وفي ضميري وخزات وحسرات.
إنّ المهمّة لثقيلة ، وإن التبعة لضخمة ، وإنّ ما لديّ من القدرات والوسائل ليعجز عن تحمل التبعة وإنجاز المهمّة. ولكن لا بد من أداء الأمانة ، وتبليغ الناس ما وقفت عليه ، لنحمل أثقال المسؤوليّة معا. فالكتاب غنيّ في محتواه ، بعيد في مداه ، عظيم في مؤدّاه ، والدراسات العربيّة في حاجة إليه ، ولا تعرف منه شيئا يذكر ، والدارسون والمؤرّخون والمحقّقون معرضون عنه ، لما يحمله من إشكالات وعثرات ومعضلات.
قلت لنفسي : إذا عجزت عن تأدية هذه المهمّة أداء ، يكفل لها التحقيق والتوثيق والتحليل والتقويم والنقد ، فلا أقلّ من تيسير الكتاب بخدمته خدمة متواضعة ، تحقّق النصّ ، وترمّم جانبا من الثغرات ، وتذلّل بعض الصعوبات ، وتصوّب نصيبا من الاختلال ، وتيسّر تناوله ، وتنسّق فهارسه الفنّيّة ، ثمّ تضعه بين أيدي المحقّقين والباحثين ، ليسهموا في تأدية الأمانة وتحمّل المسؤوليّة.
تاريخ حياة الكتاب :
الحقّ أنّ حياة هذا الكتاب يشوبها الغموض والإهمال والتوهين. فأنت ترى من المؤرّخين القدماء والمعاصرين ازورارا عنه واستخفافا به ، حتّى لتلقاهم غالبا ما يغفلون ذكره أو الإشارة إليه. فإذا اضطرتهم طبيعة مصنّفاتهم إلى التعرّض له أحاطوه بالطعن في النسب ، والتوهين للسبب ، والازدراء للقيمة العلميّة ، والاستهانة بمكانته في تاريخ العربيّة. وقد كان لهذا كلّه ، مع ما في الكتاب نفسه من إشكالات خاصّة ، مضاعفات سلبيّة عميقة الأثر ، صرفت الناس عنه ، وجعلتهم يواجهونه بالتبرّم والازورار.
ولقد حاولت تتبّع خطوات حياة هذا الكتاب ، فإذا أنا أمام شذرات منثورة لا تغني الباحث ، ولا تملأ حيّز التاريخ ، وتثير العثرات والسحب والعجاج. فأوّل ما يصادفك من هذا الكتاب مشكلة الاختلاف في اسمه. إنّه