[من يعتقد العكس (١)] أي عكس الحكم الّذي أثبته المتكلّم ، فالمخاطب بقولنا : ما زيد إلّا قائم ، من اعتقد اتّصافه بالقعود دون القيام ، وبقولنا : ما شاعر إلّا زيد ، من اعتقد أنّ الشّاعر عمرو لا زيد ، [ويسمّى] هذا القصر [قصر قلب ، لقلب (٢) حكم المخاطب ، أو تساويا (٣) عنده] عطف على قوله : ويعتقد العكس (٤) ، على ما يفصح عنه لفظ (٥) الإيضاح ، أي المخاطب بالثّاني إمّا من يعتقد العكس ، وإمّا من تساوى عنده الأمران ،
______________________________________________________
(١) أي المخاطب بالثّاني من ضربيّ كلّ من القصرين ، من يعتقد عكس الحكم المثبت ، والمراد بالعكس ما ينافي ذلك الحكم ، ففي قصر الصّفة على الموصوف إذا اعتقد المخاطب أنّ القائم عمرو لا زيد ، تقول : ما قائم إلّا زيد ، حصرا للقائم في زيد ، ونفيا له عن عمرو ، وفي قصر الموصوف إذا اعتقد أنّ زيدا قاعد لا قائم ، تقول : ما زيد إلّا قائم ، أي لا قاعد ، ثمّ الاعتقاد بالعكس هو أغلبيّ ، وإلّا فقد يخاطب به من يعتقد أنّ المتكلّم يعتقد العكس ، وإن كان هو لا يعتقد العكس ، وذلك عند قصد أن يكون الخطاب لإفادة لازم الفائدة ، ببيان المتكلّم أنّ ما عنده هو ما عند المخاطب مثلا ، لا ما توهّمه فيه ، ثمّ المراد بالاعتقاد ما يشمل الظّنّ بقرينة قوله : «أو تساويا عنده» حيث إنّ جعله الاعتقاد مقابلا للشّكّ يدلّ على أنّ المراد به هو مطلق الرّجحان.
(٢) أي لأنّ فيه قلبا وتبديلا لحكم المخاطب كله بغيره.
(٣) الأولى أن يقول : أو يتردّد في ذلك حتّى يشمل ما إذا كان التّردّد في أمرين على نحو لا يدري أنّ الثّابت هل هو أحدهما أو كلاهما ، وكذا ما إذا جزم بثبوت صفة على التّعيين ، وأصاب ، وبثبوت معها لا على لتّعيين ، وكذا ما إذا شكّ في ثبوت واحدة وانتفائها.
(٤) لكونه قريبا ، دون قوله : «يعتقد الشّركة» ، على أنّ العطف عليه مستلزم للزوم الفصل بالأجنبيّ بين المعطوف والمعطوف عليه.
(٥) قال في الإيضاح ما هذا نصّه : والمخاطب بالثّاني من ضربيّ كلّ أعني تخصيص أمر بصفة مكان أخرى ، وتخصيص صفة بأمر مكان آخر ، أمّا من يعتقد العكس ، أي اتّصاف ذلك الأمر بغير تلك الصّفة عوضا عنها في الأوّل ، واتّصاف غير ذلك الأمر بتلك الصّفة عوضا عنه في الثّاني ، وهذا يسمّى قصر قلب لقلبه حكم السّامع ، وأمّا من تساوى الأمران عنده ، أي اتّصاف ذلك الأمر بتلك الصّفة واتّصافه بغيرها في الأوّل ، واتّصافه بها ، واتّصاف غيره بها في