بادئ الرأي ـ إلى الأذهان فرضية بطليموس التي تصور الكون على أنه طبقات من الأفلاك متراكمة بعضها فوق بعض مثل طبقات قشور البطل!! من هنا لا بدّ من توضيح لمفهوم السماء والبناء والسقف في التعبيرات القرآنية.
ذكرنا أن سماء كل شيء أعلاه ، وأحد معاني السماء «جوّ الأرض» ، وهو المقصود في الآية الكريمة. وجوّ الأرض هو الطبقة الهوائية الكثيفة المحيطة بالكرة الأرضية ، ويبلغ سمكها عدّة مئات من الكيلومترات.
لو أمعنّا النظر في الدور الحياتي الأساس الذي تؤديه هذه الطبقة الهوائية لفهمنا مدى استحكام هذا السقف وأهميته لصيانة البشر.
هذه الطبقة الهوائية مثل سقف شفّاف يحيط بكرتنا الأرضية من كل جانب ، وقدرة استحكامه تفوق قدرة أضخم السدود الفولاذية ، على الرغم من أنه لا يمنع وصول أشعة الشمس الحيوية الحياتية إلى الأرض.
لو لم يكن هذا السقف لتعرضت الأرض دوما إلى رشق الشهب والنيازك السماوية المتناثرة ، ولما كان للبشر أمان ولا استقرار على ظهر هذا الكوكب ، وهذه الطبقة الهوائية التي يبلغ سمكها عدّة مئات من الكيومترات (١) تعمل على إبادة كل الصخور المتجهة إلى الكرة الأرضية ، وقليل جدا من هذه الصخور تستطيع أن تخترق هذا الحاجز وتصل الأرض لتنذر أهل الأرض دون أن تعكّر صفو حياتهم.
من الشواهد الدالة على أن أحد معاني السماء هو «جو الأرض» حديث عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام يتحدث فيه إلى «المفضّل» عن السماء فيقول : «فكّر في لون السّماء وما فيه من صواب التّدبير ، فإنّ هذا اللّون أشدّ الألوان موافقة للبصر
__________________
(١) تذكر كثير من الكتب أن سمك الجوّ المحيط بالأرض يبلغ مائة كيلومتر ، ويبدو أن المقصود بهذا السمك هو الطبقة الجوية الكثيفة ، لأن العلم الحديث أثبت أن الهواء موجود بشكل رقيق متباعد الجزئيات على بعد مئات الكيلومترات.