وتقوية ...» (١).
ومن الواضح أن زرقة السماء ليست إلّا لون الهواء الكثيف المحيط بالأرض.
ولهذا فإن المقصود بالسماء في هذا الحديث هو جوّ الأرض نفسه.
وأضيفت كلمة الجوّ إلى السماء في قوله تعالى : (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ) (٢).
وحول معاني السماء الاخرى سنتحدّث بشكل أوفى في ذيل الآية ٢٩ من هذه السّورة.
بعد ذلك تطرقت الآية الى نعمة المطر : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً) ... ماء يحيي الأرض ويخرج منها الثمرات.
عبارة (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً) تؤكد مرّة اخرى أن المقصود من «السماء» هنا هو جوّ الأرض ، لأننا نعلم أن المطر ينزل من الغيوم ، والغيوم بخار متناثر في جوّ الأرض.
الإمام علي بن الحسين عليهالسلام يتحدث عن نزول المطر في تفسير هذه الآية فيقول:«ينزله من أعلى ليبلغ قلل جبالكم وتلالكم وهضابكم وأوهادكم ، ثمّ فرّقه رذاذا ووابلا وهطلا لتنشفه أرضوكم ، ولم يجعل ذلك المطر نازلا عليكم قطعة واحدة فيفسد أرضيكم وأشجاركم وزرعكم وثماركم» (٣).
ثم تشير الآية إلى نعمة الثمرات التي تخرج من بركة الأمطار لتكون رزقا لبني البشر (فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ).
وإخراج الثمرات مدعاة للشكر على رحمة رب العالمين لعباده ، ومدعاة للإذعان بقدرة ربّ العالمين في إخراج ثمر مختلف ألوانه ، من ماء عديم اللون ، ليكون قوتا للإنسان والحيوان ، لذلك عطف عليها قوله تعالى : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ
__________________
(١) بحار الأنوار ، ط الجديد ، ج ٣ ، ص ١١١.
(٢) النحل ، ٧٩.
(٣) تفسير نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٤١.