اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) (١).
٣ ـ (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢).
٤ ـ الآية الثالثة والعشرون من سورة البقرة التي يدور حولها بحثنا.
القرآن تحدى بصراحة وقوة في هذه الآيات جميع البشرية ، وفي هذه الصراحة والقوّة دلالة حيّة على حقّانيته. ولم يكتف في تحدّيه بدعوة النّاس إلى أن يأتوا بمثله ، بل حفّزهم وشجعهم على ذلك ، وعبارات التحفيز نجدها في قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ... فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ ... قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ ... وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ... قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُ ... لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ... فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ ... فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا ...).
هذا التحفيز والحثّ والإثارة لم يصدر ضمن إطار معركة أدبية أو عقائدية ، بل في إطار معركة «سياسية» «اقتصادية» «اجتماعية» ، ضمن إطار معركة حياة أو موت ، يرتبط بمصيرها وجود هذا الكيان الجديد. وعجز المعارضين أمام هذا التحدّي الحياتي الصارخ، يبيّن بشكل أوضح أبعاد المعجزة القرآنية.
جدير بالذّكر أن تحدي القرآن لا ينحصر بزمان أو مكان ، بل إن هذا التحدّي قائم حتى يومنا هذا.
* * *
__________________
(١) هود ، ١٣ و ١٤.
(٢) يونس ، ٣٨.