هذا الارتباط المستقيم بين الخالق والمخلوق مكان الصدارة في كتاب الله العزيز!.
* * *
٢ ـ سورة الحمد أساس القرآن ـ فقد روي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال لجابر بن عبد الله الأنصاري : «ألا أعلّمك أفضل سورة أنزلها الله في كتابه؟» قال جابر : بلى بأبي أنت وأمّي يا رسول الله ، علّمنيها. فعلّمه الحمد أمّ الكتاب ، وقال : هي شفاء من كلّ داء، إلّا السّام ، والسّام الموت» (١).
وروي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا أنّه قال : «والّذي نفسي بيده ما أنزل الله في التّوراة ، ولا في الإنجيل ولا في الزّبور ولا في القرآن مثلها ، وهي أمّ الكتاب»(٢).
سبب أهمية هذه السّورة يتضح من محتواها ، فهي في الحقيقة عرض لكل محتويات القرآن ، جانب منها يختصّ بالتوحيد وصفات الله ، وجانب آخر بالمعاد ويوم القيامة ، وقسم منها يتحدّث عن الهداية والضلال باعتبارهما علامة التمييز بين المؤمن والكافر وفيها أيضا إشارات إلى حاكمية الله المطلقة ، وإلى مقام ربوبيّته ، ونعمه اللامتناهية العامة والخاصة «الرحمانية والرحيمية» ، وإلى مسألة العبادة والعبودية واختصاصهما بذات الله دون سواه.
إنّها تتضمّن في الواقع توحيد الذات ، وتوحيد الصفات ، وتوحيد الأفعال ، وتوحيد العبادة.
وبعبارة اخرى : تتضمّن هذه السّورة مراحل الإيمان الثلاث : الاعتقاد بالقلب ، والإقرار باللسان ، والعمل بالأركان. ومن المعلوم أنّ لفظ «الأمّ» يعني هنا الأساس والجذر.
ولعل ابن عباس ينطلق من هذا الفهم إذ يقول :
__________________
(١ ، ٢) ـ مجمع البيان ، ونور الثقلين ، مقدمة سورة الحمد.