زمنا مذاهب النصارى ، وكان له طلاب كثيرون، ولكنه كان ينظر إليّ من بينهم نظرة خاصة، وكانت كل مفاتيح البيت بيدي، إلّا مفتاحا واحدا لغرفة صغيرة ، احتفظ به عنده... .
وفي يوم اعتلّت صحة القسيس ، فقال لي : قل للطلاب إني لا أستطيع التدريساليوم. حينما جئت الطلاب وجدتهم منهمكين في نقاش حول معنى «فارقليطا» في السريانية ، و «پريكلتوس» في اليونانية ... واستمر بينهم النقاش ، وكل كان يدلي برأيه ... .
بعد أن عدت إلى الأستاذ سألني عما كان يدور بين الطلاب ، فأخبرته ، فقال لي:وما رأيك؟
قلت : اخترت الرأي الفلاني.
قال القسيس : ما قصّرت في عملك ، ولكن الحقّ غير ذلك. لأن حقيقة هذا الأمر لا يعلمها إلّا الراسخون في العلم ، وقليل ما هم ، أكثرت في الإلحاح عليه أن يوضح لي معنى الكلمة ، فبكى بكاء مرّا وقال : لم أخف عليك شيئا ... إن لفهم معنى هذه الكلمة أثرا كبيرا ، ولكنه إن انتشر فسنتعرض للقتل! فإن عاهدتني أن لا تفشيه فسأخبرك...فأقسمت بكل المقدسات أن لا أذكر ذلك لأحد ، فقال : إنه اسم من أسماء نبي المسلمين،ويعني «أحمد» و «محمّد».
ثم أعطاني مفتاح الغرفة وقال : افتح الصندوق الفلاني ، وهات الكتابين اللذين فيه ، جئت إليه بالكتابين وكانا مكتوبين باليونانية والسريانية على جلد ، ويعودان إلى عصر ما قبل الإسلام.
الكتابان ترجما «فارقليطا» بمعنى أحمد ومحمّد ، ثم أضاف الأستاذ : علماء النصارى كانوا مجمعين قبل ظهوره أن «فارقليطا» بمعنى «أحمد ومحمّد» ، ولكن بعد ظهور محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم، غيّروا هذا المعنى حفظا لمكانتهم ورئاستهم وأوّلوه ، واخترعوا له معنى آخر لم يكن على الإطلاق هدف صاحب الإنجيل.