المسلمين في آية اخرى ويقول : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) ... (١).
كما يتحدث القرآن عن وراثة بني إسرائيل للأرض فيقول : (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا) (٢).
وواضح أن هذه الوراثة لم تكن تشمل آنذاك جميع العالم ، والمقصود من الآية مشارق المنطقة التي كانوا يعيشون فيها ومغاربها ، من هنا فالتفضيل على العالمين هو تفضيلهم على أفراد منطقتهم.
* * *
الآية التالية ترفض أوهام اليهود ، التي كانوا يتصورون بموجبها أن الأنبياء من أسلافها سوف يشفعون لهم ، أو أنّهم قادرون على دفع فدية وبدل عن ذنوبهم ، كدفعهم الرشوة في هذه الحياة الدنيا.
القرآن يخاطبهم ويقول : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً. وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ. وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ).
الحاكم أو القاضي في تلك المحكمة الإلهية ، لا يقبل سوى العمل الصالح ، كما تقول الآية الكريمة : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (٣).
إنّ الآية المذكورة من سورة البقرة ، تشير في الواقع إلى ما يجري من محاولات في هذه الحياة الدنيا لانقاذ المذنب من العقاب.
ففي الحياة الدنيا قد يتقدم إنسان لدفع غرامة عن إنسان مذنب لانقاذه من العقاب، أما في الآخرة فإنّه : (لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ).
وربّما يلجأ المذنب في هذه الحياة إلى الشفعاء لينقذوه ممّا ينتظره من الجزاء ، ويوم القيامة (... لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ).
وإذا لم توجد الشفاعة ، يتقدم الإنسان في الحياة الدنيا بدفع (العدل) وهو بدل
__________________
(١) آل عمران ، ١١٠.
(٢) الأعراف ، ١٣٧.
(٣) الشعراء ، ٨٨ و ٨٩.