الارتضاء ، واتخاذ العهد ، يعنيان على المستوى اللغوي وكذلك ما ورد من الروايات في تفسير هذه الآيات الإيمان بالله والحساب والميزان والثواب والعقاب ، والاعتراف بالحسنات والسيئات ، وبما أنزل الله ، إيمانا عميقا في الفكر ، ظاهرا في العمل ... إيمانا يبعد صاحبه عن صفات الظالمين الذين لا يؤمنون بأية قيمة إنسانية ، ويدفعه إلى إعادة النظر في منهج حياته.
يقول تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (١) ، هذه الآية تجعل الاستغفار مقدمة لشفاعة رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم.
ويقول : (قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ ، قالَ : سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٢) ، آثار الندم واضحة على إخوة يوسف في طلبهم من أبيهم.
ويقول سبحانه : (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) (٣) فاستغفار الملائكة وشفاعتهم تقتصر على الأفراد المؤمنين السالكين سبيل الله.
وهنا يطرح أيضا سؤال بشأن جدوى الشفاعة للأفراد المؤمنين السالكين سبيل الله ، وسنجيب على ذلك في دراسة حقيقة الشفاعة.
وبشأن الشفعاء ذكر القرآن لهم شرطا في قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِ) (٤). من هنا فالمشفوع له أيضا ينبغي أن يسلك طريق الحق في القول والعمل ، كي يكون له ارتباط بالشفيع ، وهذا الارتباط الضروري بين الشفيع والمشفوع له يعتبر بدوره عاملا بنّاء في تعبئة الطاقات على طريق الحق.
* * *
__________________
(١) النساء ، ٦٤.
(٢) يوسف ، ٩٧ و ٩٨.
(٣) المؤمن ، ٧.
(٤) الزخرف ، ٨٦.