المغفور لهم ، وفي مثل هذه الحالة لا بدّ أن تكون الشفاعة ذات تأثيرين ، في الحطّ من الذنوب ، وفي علوّ المنزلة.
أما الروايات التي تذهب إلى عدم حاجة الصالحين للشفاعة فهي تنفي ذلك النوع من الشفاعة الخاص بالمجرمين والمذنبين.
ومن جهة اخرى ذكرنا أن الشفاعة تعني انضمام الفرد الأشرف والأقوى إلى الفرد الأضعف لمساعدة هذا الضعيف ، وهذه المساعدة قد تكون لزيادة نقاط القوّة ، وقد تكون لإزالة نقاط الضعف.
في الشفاعة التكوينية نشهد هذين اللونين من الشاعة في مسيرة حركة التكامل والنمو، فإنّ الكائنات الأضعف تحتاج إلى عوامل أقوى لإزالة عوامل التخريب تارة (كحاجة النباتات إلى نور الشمس لإبادة الآفات) ، وتارة اخرى لزيادة نقاط القوّة وسرعة التطور (كحاجة النباتات إلى نور الشمس من أجل النموّ) ، وهكذا الطالب يحتاج إلى الأستاذ لإصلاح أخطائه من جهة ، ولزيادة معلوماته من جهة اخرى.
كل ذلك يدلّ على أن للشفاعة أثرين ، ولا تقتصر على دائرة إزالة آثار الذنب والإثم (تأمل بدقّة).
ممّا تقدم نفهم أن التائبين بحاجة أيضا إلى الشفاعة مع علمنا بأن التوبة وحدها كافية لغفران الذنوب ، وذلك لسببين :
١ ـ التائبون بحاجة إلى الشفاعة لزيادة مكانتهم المعنوية ، ولتقدمهم في مضمار التكامل والارتقاء ، وان كان الغفران يتحقق بالتوبة.
٢ ـ ثمة خطأ وقع فيه كثيرون في فهم التوبة ، إذ تصوروا أنّ التوبة من الذنب قادرة على إرجاع الإنسان إلى حالة ما قبل ارتكاب الذنب ، بينما التوبة ليست ـ كما ذكرنا في موضعه ـ سوى مرحلة أولى ، إنها كالدواء الذي يقطع عوارض المرض ، وانقطاع العوارض لا يعني عودة الإنسان إلى حالته الطبيعية ، بل يعني انتقاله إلى