المحكمة الكبرى.
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) تبيّن التوحيد في العبادة ، والتوحيد في الاستعانة بالأسباب.
(اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) توضّح حاجة العباد ورغبتهم الشديدة للهداية ، وتؤكّد حقيقة أن كل ألوان الهداية إنما تصدر منه تعالى.
وآخر آية من هذه السّورة ترسم معالم (الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) وتميّز بين صراط الذين أنعم الله عليهم ، وصراط الذين ضلّوا والذين استحقّوا غضب الله عليهم.
ويمكن تقسيم هذه السّورة ، من منظار آخر إلى قسمين : قسم يختصّ بحمد الله والثناء عليه ، وقسم يتضمّن حاجات العبد.
وإلى هذا التقسيم يشير الحديث الشريف عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «قال اللهعزوجل:قسّمت فاتحة الكتاب بيني وبين عبدي ، فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل.
إذا قال العبد (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال الله جلّ جلاله : بدأ عبدي باسمي وحقّ عليّ أن أتمّم له أموره وأبارك له في أحواله.
فإذا قال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) قال الله جلّ جلاله : حمدني عبدي وعلم أنّ النعم الّتي له من عندي ، وأنّ البلايا الّتي دفعت عنه فبتطوّلي ، أشهدكم أنّي أضيف له إلى نعم الدّنيا نعم الآخرة ، وأدفع عنه بلايا الآخرة كما دفعت عنه بلايا الدّنيا.
وإذا قال : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال الله جلّ جلاله : شهد لي عبدي أنّي الرّحمن الرّحيم، أشهدكم لأوفّرنّ من رحمتي حظّه ولأجزلنّ من عطائي نصيبه.
فإذا قال : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) قال الله تعالى : أشهدكم كما اعترف بأنيّ أنا مالك يوم الدّين لأسهّلنّ يوم الحساب حسابه ، ولأتقبّلنّ حسناته ، ولأتجاوزنّ عن سيّئاته.
فإذا قال : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) قال الله عزوجل : صدق عبدي ، إيّاي يعبد أشهدكم لأثيبنّه