إلّا أنها ضرورية لأسباب عديدة.
لا بد من الالتفات أولا إلى أن الحركة الوهّابيّة ، التي ظهرت خلال القرنين الأخيرين في الجزيرة العربية على يد «محمّد بن عبد الوهّاب» لم تتجه في أفكارها المتطرفة الجافة إلى معارضة مدرسة أهل البيت عليهمالسلام فقط ، بل اصطدمت بمعظم المسلمين من أهل السنة أيضا.
محمّد بن عبد الوهاب (المتوفّى ١٢٠٦ ه) استقى أفكاره من «ابن تيمية» (أحمد بن عبد الحليم الدمشقي المتوفى سنة ٧٢٨ ه) ، أي قبل أربعة قرون تقريبا من ظهور الوهّابية، ويعتبر المنظّر لهذه الحركة.
استطاع عبد الوهّاب خلال الأعوام (١١٦٠ ـ ١٢٠٦ ه) بالتعاون مع الحكام المحليين أن ينشر دعوته بين القبائل البدوية المتنقّلة في الجزيرة العربية ويبثّ فيهم تعصبا أعمى باسم الدفاع عن التوحيد ومكافحة الشرك ، وعبّد البدو والمتعصبين من أتباعه على طريق قمع معارضيه ، واستطاع بذلك أن يكتسب قدرة سياسية ويسيطر بشكل مباشر وغير مباشر على الحكم ، وأراق من أجل ذلك دماة كثيرة من المسلمين في أرض الجزيرة العربية وخارجها.
في سنة ١٢١٦ ه (عشر سنوات بعد وفاة مؤسس الحركة الوهّابية) هاجمت جماعة من الوهّابيين مدينة كربلاء قادمة من صحراء الجزيرة العربية ، واستغلوا فرصة سفر أهالي المدينة إلى النجف الأشرف بمناسبة عيد الغدير ، فدخلوا المدينة وقاموا بتخريب وهدم مرقد سيد الشهداء الحسين بن علي عليهالسلام وسائر المراقد الشريفة في هذه المدينة ، ونهبوا ما فيها من أبواب ذهبية ونفائس ، وقتلوا ما يقرب من خمسين شخصا عند ضريح الحسين ، وخمسمائة شخص في صحن الروضة المشرفة ، كما قتلوا أعدادا كبيرة في سائر أنحاء المدينة ، حتى بلغ عدد المقتولين في ذلك الهجوم الوهابي خمسة آلاف إنسان ، ولم يسلم منهم حتى الشيوخ والعجائز والأطفال ، كما نهبوا كثيرا من البيوت.