لخدمة الاقباط وإشباع رغبات ونزوات المستكبرين.
والبلاء يعني الامتحان ، فالحوادث والمصائب التي نزلت ببني إسرائيل كانت بمثابة الامتحان لهم. كما قد يأتي البلاء بمعنى العقاب ، لأن بني إسرائيل سبق لهم أن كفروا بنعمة ربّهم ، فكان ما أصابهم من آل عمران عقابا على كفرانهم.
وذكر بعض المفسرين معنى ثالثا للبلاء ، وهو النعمة ، وبذلك يكون البلاء العظيم يعني النعمة العظيمة ، والمقصود منها نعمة النجاة من آل فرعون (١).
على كل حال ، يوم نجاة بني إسرائيل من آل فرعون يوم تاريخي مهم ، ركّز عليه القرآن في مواضع عديدة ولنا وقفات اخرى عند هذا الحدث الكبير.
من الملفت للنظر أن القرآن يسمّي ذبح الأبناء واستحياء النساء عذابا. ولو عرفنا أن استحياء النساء يعني استبقاءهنّ ، وتركهن أحياء ، لاتّضح لنا أن القرآن يشير إلى أن مثل هذا الاستبقاء المذل هو عذاب أيضا مثل عذاب القتل. وهذا المعنى يشير إليه الإمام أمير المؤمنين علي عليهالسلام إذ يقول : «فالموت في حياتكم مقهورين والحياة في موتكم قاهرين» (٢).
عملية الإماتة كانت شاملة للذكور والإناث مع اختلاف في ممارسة هذه العملية ، وفي عالمنا المعاصر يمارس طواغيت الأرض عملية الإماتة أيضا بأساليب اخرى ، وذلك عن طريق قتل روح الرجولة في الذكور ، ودفع الإناث إلى مستنقع إشباع الشهوات.
من المفسرين من ذهب إلى أن سبب قتل أبناء بني إسرائيل واستحياء نسائهم ، يعود إلى رؤيا عرضت لفرعون في منامه. ولكن السبب ليس الرؤيا
__________________
(١) يقال بلي الثوب أي خلق ، وبلوته : اختبرته كأني أخلقته من كثرة اختياري له ، وسمّي الغمّ بلاء من حيث إنه يبلى الجسم ، وسمّي التكليف بلاء لأن التكاليف مشاقّ على الأبدان ولأنها اختبارات ، ولأن اختبار الله تعالى للعباد تارة بالمسارّ ليشكروا وتارة بالمضار ليصبروا ، فصارت المنحة والمحنة جميعا بلاء. (المفردات ، مادة : بلى).
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ٥١.