وزلزال مروع ، فتركهم ، على الأرض صرعى من شدة الخوف (فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ).
اغتم موسى لما حدث بشدّة ، لأن هلاك سبعين نفرا من كبار بني إسرائيل ، قد يوفّر الفرصة للمغامرين من أبناء القوم أن يثيروا ضجّة بوجه نبيهم. لذلك تضرّع موسى إلى الله أن يعيدهم إلى الحياة ، فقبل طلبه وعادوا إلى الحياة : (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
هذا باختصار شرح الواقعة ، وسيأتي تفصيلها في سورة الأعراف ، الآية ١٥٥ ، وسورة النساء الآية ١٥٣ (١).
هذه القصة تبين من جانب آخر ما عاناه الأنبياء من مشاكل كبرى على طريق دعوتهم. كان قومهم يطلبون منهم معاجز خاصة ، وكان العناد يبلغ ببعض الأقوام حدا يطلبون فيه أن يروا الله جهرة ، شرطا لإيمانهم. وحينما يواجه هذا الطلب غير المنطقي بجواب إلهي مناسب حاسم تحدث للنبي مشكلة اخرى. ولو لا لطف الله وتثبيته لما كان بالإمكان المقاومة تجاه كل هذا العناد.
هذه الآية تشير ضمنا إلى إمكان «الرجعة» ، أي الرجوع إلى هذه الحياة الدنيا بعد الموت. لأن وقوعها في مورد يدل على إمكان الوقوع في موارد اخرى.
ولكن عدد من مفسري أهل السنة أوّلوا «الموت» في هذه الآية إلى غير المعنى الظاهر لعدم رغبتهم في قبول «الرجعة» (٢).
* * *
__________________
(١) راجع المجلدين الثالث والخامس من هذا التّفسير.
(٢) ذهب صاحب المنار ، إلى أن المقصود بالبعث بعد الموت ، منح الذرية الكثيرة لبني إسرائيل كي لا ينقطع نسلهم ، وقال الآلوسي في «روح المعاني» إن الموت هنا يعني الغيبوبة ، والبعث يعني صحوة بني إسرائيل من غيبوبتهم ، وراح بعض يفسّر الموت بالجهل ، والبعث بالتعليم.
ولكن هذه المعاني كلها بعيدة عن هذه الآية والآيات المشابهة لها في سورة الأعراف ، ولا تليق بمفسر ينشد فهم الحقيقة.