أمرهم الله سبحانه أن يردّدوا من أعماق قلوبهم عبارة الاستغفار المذكورة ، ويدخلوا الباب ، ويبدو أنه من أبواب بيت المقدس (١) ، وقد يكون هذا سبب تسمية أحد أبواب بيت المقدس «باب الحطة».
والآية تنتهي بعبارة (وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) أي أن المحسنين سينالون المزيد من الأجر إضافة إلى غفران الخطايا.
والقرآن يحدثنا عن عناد مجموعة من بني إسرائيل حتى في ترتيل عبارة الاستغفار،فهؤلاء لم يرددوا العبارة بل بدلوها بعبارة اخرى فيها معنى السخرية والاستهزاء ، والقرآن يقول عن هؤلاء المعاندين : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) وكانت نتيجة هذا العناد ما يحدثنا عنه كتاب الله حيث يقول :(فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ).
و «الرجز» أصله الاضطراب ـ كما يقول الراغب في مفرداته ـ ومنه قيل رجز البعير إذا اضطرب مشيه لضعفه.
ويقول «الطبرسي» في «مجمع البيان» : إنّ الرجز يعني العذاب عند أهل الحجاز، ويروي عن الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله بشأن مرض الطاعون : «إنّه رجز عذّب به بعض الأمم قبلكم» (٢).
ومن هنا يتضح سبب تفسير «الرجز» في بعض الروايات أنه نوع من الطاعون فشا بسرعة بين بني إسرائيل وأهلك جمعا منهم.
قد يقال إن الطاعون لا ينزل من السماء ، لكن هذا التعبير قد يشير إلى حقيقة انتشار هذا المرض عن طريق الهواء الملوّث بميكروب الطاعون الذي هبّ بأمر الله آنذاك في بيئة بني إسرائيل.
يلفت النظر أن من عوارض الطاعون اضطرابا في المشي والكلام ، وهذا
__________________
(١) على رواية أبي حيان الأندلسي ، نقلا عن تفسير «الكاشف».
(٢) راجع حول معنى «الجز» الجزء الخامس من هذا التّفسير.