عصر الرّسول ، لم يكن القرآن وحده ، بل مجموعة تتضمّن القرآن وتفسيره وأسباب نزول الآيات ، وما شابه ذلك ممّا يحتاجه الفرد لفهم كلام الله العزيز.
وأمّا ما فعله عثمان في هذا الصدد ، فتدلّ القرائن أنّه أقدم على كتابة قرآن واحد عليه علامات التلاوة والإعجام ، منعا للاختلاف في القراءات ، إذ لم يكن التنقيط معمولا به حتى ذلك الوقت.
وما نراه من إصرار لدى جماعة على عدم جمع القرآن في عصر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم، وعلى نسبة هذا الأمر للخليفة عثمان أو للخليفة الأول أو الثاني ، فإنّما يعود إلى ظروف وملابسات وعصبيات تأريخية لسنا بصددها الآن.
وإذا رجعنا إلى استقصاء طبيعة الأشياء في مجال جمع القرآن ، ألفينا أنّه من غير المعقول أن يترك النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه المهمّة الكبيرة ، بينما نجده يهتمّ بدقائق الأمور المرتبطة بالرسالة.
أليس القرآن دستور الإسلام ، وكتاب هداية البشرية ، وأساس عقائد الإسلام وأحكامه؟
أليس من الممكن أن يتعرّض القرآن ـ إن لم يجمع ـ في عصر الرّسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الضياع ، وإلى الاختلاف فيه بين المسلمين؟!
(حديث الثقلين) المروي في المصادر الشيعية والسنّية ، حيث أوصى رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم بوديعته : كتاب الله وعترته ، يؤكّد أيضا أن القرآن كان قد جمع في مجموعة واحدة في عصر الرّسول الأعظم.
أمّا اختلاف الرّوايات في عدد الصحابة الذين جمعوا القرآن خلال عصر النّبي فلا يشكّل عقبة في البحث ، ومن الممكن أنّ تتّجه كلّ رواية إلى ذكر عدد منهم.
* * *