عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ) (١).
وسليمان عليهالسلام يبدأ رسالته إلى ملكة سبأ بالبسملة : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ... (٢).
وانطلاقا من هذا المبدأ تبدأ كلّ سور القرآن بالبسملة ، كي يتحقّق هدفها الأصل المتمثل بهداية البشرية نحو السعادة ، ويحالفها التوفيق من البداية إلى ختام المسيرة.
وتنفرد سورة التوبة بعدم بدئها بالبسملة ، لأنّها تبدأ بإعلان الحرب على مشركي مكة وناكثي الأيمان ، وإعلان الحرب لا ينسجم مع وصف الله بالرحمن الرحيم.
* * *
تجدر الإشارة إلى أنّ البسملة تقتصر على صيغة «بسم الله» ولا تقول فيها :باسم الخالق أو باسم الرزاق وما شابهها من الصيغ. والسبب يعود إلى أنّ كلمة (الله) ـ كما سيأتي ـ جامعة لكلّ أسماء الله وصفاته. أمّا الأسماء الاخرى لله فتشير إلى قسم من كمالاته كالرحمة والخالقية.
اتضح ممّا سبق أيضا أنّ قولنا : «باسم الله» في بداية كلّ عمل يعني «الاستعانة» بالله، ويعني أيضا «البدء» باسم الله. وهذان المعنيان يعودان إلى أصل واحد ، وإن عمد بعض المفسّرين إلى التفكيك بينهما وتقدير كل واحد منهما في الكلام.فالمعنيان متلازمان، أي : أبدأ باسم الله وأستعين بذاته المقدّسة.
وطبيعي أنّ البدء باسم الله الذي تفوق قدرته كل قدرة ، يبعث فينا القوة ، والعزم ، والثقة ، والاندفاع ، والصمود والأمل أمام الصعاب والمشاكل ، والإخلاص والنزاهة في الحركة.
__________________
(١) هود ، ٤٨.
(٢) النمل ، ٣٠.