اليهود على مجموعتين : أميين وعلماء ماكرين ، (هناك طبعا أقلية من علمائهم آمنت والتحقت بصفوف المسلمين).
عن المجموعة الاولى يقول تعالى : (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ).
والأميّون جمع أمّيّ ، والأمّيّ غير الدارس. وسمّوا بذلك لأنهم في معلوماتهم كما ولدتهم أمهاتهم ، أو لشدّة تعلق امّهاتهم بهم ، صعب عليهنّ فراقهم جهلا ، ومنعنهم من الذهاب إلى المدرسة (١).
والأماني جمع امنية ، ولعل الآية تشير هنا إلى الامتيازات الموهومة التي كان ينسبها اليهود لأنفسهم ، كقولهم : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) (٢) ، وكقولهم : (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) (٣).
ومن المحتمل أيضا أن يكون المقصود من الأماني الآيات المحرفة التي كان علماء اليهود يشيعونها بين الأميين من الناس ، وهذا المعنى ينسجم أكثر مع قوله تعالى : (لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَ).
وعلى أي حال عبارة : (إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) دلالة واضحة على بطلان اتّباع الظن في فهم أصول الدين ومعرفة مدرسة الوحي ، ولا بدّ من التتبع والتحقيق في هذا الأمر.
ثمّة مجموعة اخرى من العلماء كانت تحرف الحقائق لتحقيق مصالحها ، وإلى هؤلاء يشير القرآن : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ).
(فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ).
(وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ).
__________________
(١) معنى «الأمّي» بحث بشكل أوفى في تفسير الآية ١٥٧ من سورة الأعراف ، راجع المجلد الخامس.
(٢) المائدة ، ١٨.
(٣) آل عمران ، ٢٤.