السحرة).
بعد وفاة سليمان عمدت جماعة إلى إخراج هذه الكتابات ، وبدأوا بنشر السحر وتعليمه. واستغلت فئة هذه الفرصة فأشاعت أن سليمان لم يكن نبيّا أصلا ، بل كان يسيطر على ملكه ويأتي بالأمور الخارقة للعادة عن طريق السحر!
مجموعة من بني إسرائيل سارت مع هذه الموجة ولجأت إلى السحر ، وتركت التوراة.
عند ما ظهر النّبي الخاتم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وجاءت آيات القرآن مؤيدة لنبوة سليمان ، قال بعض أحبار اليهود : ألا تعجبون من محمّد يقول : سليمان نبي وهو ساحر!
وجاءت الآية ترد على مزاعم هؤلاء وتنفي هذه التّهمة الكبرى عن سليمان عليهالسلام(١).
الآية الاولى إذن تكشف فضيحة اخرى من فضائح اليهود وهي اتهامهم لنبي الله بالسحر والشعوذة ، تقول الآية عن هؤلاء القوم : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ).
والضمير في «واتّبعوا» قد يعود إلى المعاصرين للنبي ، أو إلى أولئك اليهود المعاصرين لسليمان ، أو لكلا الفريقين.
والمقصود بكلمة «الشّياطين» قد يكون الطغاة من البشر أو من الجن أو من كليهما.
ثم تؤكد الآية على نفي الكفر عن سليمان : (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ).
فسليمان عليهالسلام لم يلجأ إلى السحر ، ولم يحقق أهدافه عن طريق الشعوذة :(وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ).
هؤلاء اليهود لم يستغلوا ما تعلموه من سحر الشياطين فحسب ، بل أساؤوا
__________________
(١) سيرة ابن هشام ، ج ٢ ، ص ١٩٢. ومجمع البيان في تفسير الآية ، مع قليل من الاختلاف.