عما يفعله لخفة يده ، وما يفعله النمام بقول مزخرف عائق للأسماع.
الثّاني : استجلاب معاونة الشيطان بضرب من التقرب إليه.
الثّالث : هو اسم لفعل يزعمون أنه من قوّته يغيّر الصور والطبائع فيجعل الإنسان حمارا ، ولا حقيقة لذلك (١).
نستنتج من دراسة ٥١ موضعا من مواضع ذكر كلمة «سحر» في القرآن الكريم أن السحر ينقسم في رأي القرآن الكريم على قسمين :
١ ـ الخداع والشعبذة وخفة اليد وليس له حقيقة كما جاء في قوله تعالى :(فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى) (٢) وقوله : (فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ) (٣) ويستفاد من هذه الآيات أن السحر ليس له حقيقة موضوعية حتى يمكنه التأثير في الأشياء ، بل هو خفة حركة اليد ونوع من خداع البصر فيظهر ما هو خلاف الواقع.
٢ ـ يستفاد من آيات اخرى أن للسحر أثرا واقعيا ، كقوله سبحانه :(فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) ، وقوله : (وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) كما مرّ في الآيات التي نحن بصددها.
وهل إن للسحر تأثيرا نفسيا فقط ، أم يتعدى ذلك إلى الجسم أيضا؟ لم تشر الآيات أعلاه إلى ذلك ، ويعتقد بعض النّاس أن هذا التأثير نفسي لا غير.
جدير بالذكر أن بعض ألوان السحر كانت تمارس عن طريق الاستفادة من خواص المواد الكيمياوية والفيزياوية لخداع النّاس. فيحدثنا التاريخ أن سحرة فرعون وضعوا داخل حبالهم وعصيّهم مادة كيمياوية خاصّة (ولعلها الزئبق) ، كانت تتحرك بتأثير حرارة الشمس أو أية حرارة اخرى ، وتوحي للمشاهد أنها حيّة. وهذا اللون من السحر ليس بقليل في عصرنا الرّاهن.
__________________
(١) مفردات الراغب ، مادة سحر.
(٢) طه ، ٦٦.
(٣) الأعراف ، ١١٦.