كما في هذه السّورة.
وفي رواية عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام قال : «والله إله كلّ شيء الرّحمن بجميع خلقه ، الرّحيم بالمؤمنين خاصّة» (١).
من جهة اخرى ، كلمة (الرحمن) اعتبروها صيغة مبالغة ، ولذلك كانت دليلا آخر على عمومية رحمته. واعتبروا (الرحيم) صفة مشبّهة تدلّ على الدوام والثبات ، وهي خاصة بالمؤمنين.
وثمّة دليل آخر ، هو إنّ (الرحمن) من الأسماء الخاصة بالله ، ولا تستعمل لغيره ، بينما (الرحيم) صفة تنسب لله ولعباده. فالقرآن وصف بها الرّسول الكريم ، حيث قال : (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ (عَلَيْكُمْ) بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٢).
وإلى هذا المعنى أشار الإمام الصادق عليهالسلام ، فيما روي عنه : «الرّحمن اسم خاصّ بصفة عامّة ، والرّحيم عامّ بصفة خاصّة» (٣).
ومع كل هذا ، نجد كلمة (الرحيم) تستعمل أحيانا كوصف عام. وهذا يعني أن التمييز المذكور بين الكلمتين إنما هو في جذور كل منهما ، ولا يخلو من استثناء. في دعاء عرفة ـ المنقول عن الحسين بن علي عليهالسلام ـ وردت عبارة : «يا رحمن الدّنيا والآخرة ورحيمهما».
نختتم هذا الموضوع بحديث عميق المعنى ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إنّ لله عزوجل مائة رحمة ، وإنّه أنزل منها واحدة إلى الأرض ، فقسّمها بين خلقه ، بها يتعاطفون ويتراحمون، وأخّر تسعا وتسعين لنفسه يرحم بها عباده يوم القيامة» (٤).
* * *
__________________
(١) الكافي ، وتوحيد الصدوق ، ومعاني الأخبار (نقلا عن الميزان).
(٢) التوبة ، ١٢٨.
(٣) مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٢١.
(٤) نفس المصدر.