على سبيل المثال ، يقول الماديون في لوحة زيتية مرسومة على ورقة أنّ زيوت التلوين كانت موجودة ، ونحن نسأل : كيف وجدت هذه «الصورة» التي لم تكن موجودة من قبل؟
كل جواب يقدمونه بشأن إيجاد «الصورة» من «العدم» نقدمه نحن أيضا بشأن إيجاده «المادة».
وفي المرحلة الثانية ، ينبغي التأكيد على أن خطأ الماديين ناتج عن كلمة «من». هؤلاء تصوروا قولنا : (أن العالم وجد من العدم) شبيه بقولنا (أن المنضدة وجدت من الخشب) حيث لا بدّ من وجود الخشب أوّلا لكي توجد المنضدة. بينما جملة «وجود العالم من العدم» لا تعني ذلك. بل تعني «أن العالم لم يكن موجودا ثم وجد». وهل في هذه العبارة تضاد أو تناقض؟!
وبالتعبير الفلسفي : كل موجود ممكن (الذي لا يملك الوجود ذاتيا) له جانبان:ماهية ووجود ، «الماهية» هي «المعنى الاعتباري» الذي يتساوى في نسبته للعدم والوجود. بعبارة اخرى ، الماهية هي المقدار المشترك الذي نفهمه من ملاحظة وجود شيء وعدمه. فهذه الشجرة لم تكن موجودة سابقا وهي موجودة الآن ، والشخص الفلاني لم يكن موجودا سابقا وهو الآن موجود ، وما أسندنا إليه الحالتين (الوجود والعدم) هي «الماهية».
من هنا يكون معنى قولنا (إن الله أوجد العالم من العدم) هو أنه سبحان نقل الماهية من حالة العدم إلى حالة الوجود ، وبعبارة اخرى وضع لباس «الوجود» على جسد «الماهية»(١).
* * *
__________________
(١) راجع لمزيد من التوضيح كتاب : خالق العالم.