المسيح ، الذي أخذ على عاتقه كل ذنوبنا وتحمل ذنوبنا في جسده على الصليب».
هذا المنطق يجعل الأفراد دون شك جريئين على ارتكاب المعاصي.
بعبارة اخرى ، من يرى أن التشجيع وحده كاف لتربية الإنسان (طفلا كان أم كبيرا)، وضرورة ترك التهديد والتقريع ، فهو مجانب للصواب ومخطئ تماما.
وهكذا أولئك الذين يعتقدون أن التربية ينبغي أن تقوم على أساس التخويف والتأنيب لا غير.
الفريقان المذكوران خاطئان في فهم الإنسان ، حيث إن الإنسان يتجاذبه كلّ الخوف والرجاء ، حبّ الذات وكره الفناء ، تحصيل المنفعة ودفع الضرر. وهل يمكن لموجود يحمل في ذاته هذين البعدين أن يربّى وفق بعد واحد؟!
والتعادل ضروري بين هذين الجانبين ، فلو تجاوز التشجيع حدّه لأدّى إلى التجرؤ والغفلة ، ولو تعدّى التخويف حدّه لبعث على اليأس والقنوط وانطفاء شعلة الشوق والتحرك في النفوس.
ممّا سبق نفهم سبب اقتران البشارة بالإنذار أو «البشير» ب «النذير» في القرآن الكريم ، فتارة تقدم كلمة البشير على النذير كالآية التي نحن بصددها : (بَشِيراً وَنَذِيراً) وتارة تقدم كلمة النذير كقوله تعالى في الآية ١٨٨ من سورة الأعراف :(إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
وأكثر الآيات القرآنية في هذا المورد تتقدم فيها صفة البشير ، ولعل ذلك يعود إلى أن رحمة الله من حيث المجموع سابقة على غضبه : يا من سبقت رحمته غضبه.
* * *