إن هؤلاء غير مستقلين لأنّهم يصلون تجاه قبلتنا ، وهذا دليل أننا على حقّ.
كانت هذه الأقوال تؤلم الرّسول وصحبه ، فالأمر الإلهي يوجب أن يصلوا تجاه بيت المقدس ، واليهود لا ينفكّون يرشقون المسلمين بوابل تهمهم وتقريعهم.وبلغ الأمر أن الرّسولصلىاللهعليهوآلهوسلم بدأ يقلب وجهه في السماء انتظارا للوحي.
واستمر الانتظار مدّة ، حتى نزل الوحي يأمر بتغيير القبلة ، كان الرّسولصلىاللهعليهوآلهوسلم في مسجد «بني سالم» يصلي الظهر ، فما إن أتمّ ركعتين حتى أمر جبرائيل أن يأخذ بعضد الرّسول ويدير وجهه تجاه الكعبة (١).
لم يكفّ اليهود بعد هذا التغيير عن اعتراضاتهم ، بل واصلوا حربهم الإعلامية بشكل آخر ، بدأوا يلقون التشكيكات بشأن هذا التغيير ، والقرآن الكريم يتحدث عن هذه الاعتراضات : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها).
بدأوا يرددون : لو كانت القبلة الاولى هي الصحيحة فلم هذا التغيير؟ وإن كانت الثانية صحيحة فلما ذا صلى المسلمون أكثر من ثلاثة عشر عاما تجاه بيت المقدس؟!
والله سبحانه يجيب على هذا الاعتراض ، فأمر رسوله أن (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
فليس لمكان قداسة ذاتية ، إنما يكتسب قداسته بإذن الله ، وكل مكان ملك لله ، والمهم هو الطاعة والاستسلام لربّ العالمين.
تغيير القبلة في الواقع مرحلة من مراحل الاختبار الإلهي ، وكل مرحلة خطوة على الصراط المستقيم نحو الهداية الإلهية.
* * *
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٢٢٣.