اتهموكم بالذيلية وعدم الأصالة ، وحين عدلتم إلى الكعبة وصفوكم بعدم الثبات!
هؤلاء المفترون ظالمون حقا ... ظالمون لأنفسهم ، وظالمون لمن يقطعون عليه طريق الهداية.
٢ ـ حين وصف الآية هؤلاء المعاندين أنهم ظالمون ، فقد يثير هذا الوصف خوفا في نفوس البعض لذلك قالت الآية : (فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي).
وهذه الفقرة من الآية تطرح أصلا عاما أساسيا من أصول التربية التوحيدية الإسلامية، هو عدم الخوف من أي شيء سوى الله (أو بعبارة أصح الخوف فقط من معصية الله) ، وإذا ترسخ هذا المبدأ التربوي في نفوس الجماعة المسلمة ، فلن تفشل ولن تنهزم قط.
أما المتظاهرون بالإسلام فهم يخافون من «الشرق» تارة ، ومن «الغرب» تارة اخرى ، ومن «المنافقين الداخليين» ومن «الأعداء الخارجيين» ومن كل شيء سوى الله. وهؤلاء دائما أذلاء ضعفاء مهزومون.
٣ ـ وآخر هدف ذكر لتغيير القبلة هو إتمام النعمة : (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).
تغيير القبلة كان في الواقع نوعا من التربية والتكامل والنعمة للمسلمين كي يتعرفوا على الانضباط الإسلامي ويتخلصوا من التقليد والتعصب ، فالله سبحانه أمر المسلمين في البداية أن يصلوا تجاه بيت المقدس كي تنعزل صفوف المسلمين ـ كما قلنا ـ عن صفوف المشركين الذين كانوا يقدسون الكعبة. وبعد الهجرة وإقامة الدولة الإسلامية صدر الأمر بالصلاة نحو الكعبة ... نحو أقدم بيت توحيدي ، وبذلك تحقق اجتياز مرحلة من مراحل تكامل المجتمع الإسلامي.
* * *