والرصيد في جميعها هو الصبر ، لذلك يقول أمير المؤمنين علي عليهالسلام : «وعليكم بالصّبر فإنّ الصّبر من الإيمان كالرّأس من الجسد ، ولا خير في جسد لا رأس معه ولا في إيمان لا صبر معه»(١).
الروايات الإسلامية ذكرت أن أسمى مراحل الصبر ضبط النفس تتجلّى في مقاومة الإنسان عند توفّر وسائل المعاصي والذنوب.
الآية التي يدور حولها بحثنا تؤكد للجماعة المسلمة الثائرة في صدر الإسلام خاصة أن الأعداء يحيطونهم من كل حدب وصوب ، وتأمرهم أن يستعينوا بالصبر أمام الحوادث ، فنتيجة ذلك استقلال الشخصية والاعتماد على النفس والثّقة بالذات في كنف الإيمان بالله. وتاريخ الإسلام يشهد بوضوح أن هذا الأصل كان أساس كل الانتصارات.
الموضوع الآخر الذي أكدت عليه الآية أعلاه باعتباره السند الهام إلى جانب الصبر هو «الصلاة». وروي أن عليّا عليهالسلام : «كان إذا أهاله أمر فزع قام إلى الصّلاة ثمّ تلا هذه الآية : (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) ...(٢).
ولا عجب في ذلك ، فالإنسان حين يرى نفسه أمام عواصف المشاكل المضنية ، ويحسّ بضعفه في مواجهتها ، يحتاج إلى سند قوي لا متناه يعتمد عليه.
والصلاة تحقق الارتباط بهذا السند ، وتخلق الطمأنينة الروحية اللازمة لمواجهة التحديات.
فالآية أعلاه تطرح مبدأين هامّين : الأوّل ـ الاعتماد على الله ، ومظهره الصلاة ، والآخر ـ الاعتماد على النفس ، وهو الذي عبرت عنه الآية بالصبر.
وبعد ذكر الصبر والاستقامة تتحدث الآية التالية عن خلود الشهداء ، الذين يجسّدون أروع نماذج الصابرين على طريق الله.
__________________
(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، رقم ٨٢.
(٢) الكافي ، نقلا عن الميزان ، ج ١ ، ص ١٥٤.