وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ).
الإقرار التام بالعبودية المطلقة لله ، يعلمنا أن لا نحزن على ما فاتنا ، لأنه سبحانه مالكنا ومالك جميع ما لدينا من مواهب ، إن شاء منحنا إيّاها ، وإن استوجبت المصلحة أخذها منا ، وفي المنحة والمحنة مصلحة لنا.
والالتفات المستمر إلى حقيقة عودتنا إلى الله سبحانه ، يشعرنا بزوال هذه الحياة، وبأن نقص المواهب المادية ووفورها غرض زائل ، ووسيلة لارتقاء الإنسان على سلم تكامله، فاستشعار العبودية والعودة في عبارة (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) له الأثر الكبير في تعميق روح المقاومة والاستقامة والصبر في النفس.
واضح أن المقصود من قول هذه العبارة ليس ترديدها باللسان فقط ، بل استشعار هذه الحقيقة ، والالتفات إلى ما تنطوي عليه من توحيد وإيمان.
وآخر آية في بحثنا هذا ، تتحدث عن الألطاف الإلهية الكبرى ، التّي تشمل الصابرين الصامدين المتخرجين بنجاح من هذه الامتحانات الإلهية : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) (١).
هذه الصلوات والرحمة تجعل هؤلاء على بصيرة من أمرهم ، في مسيرتهم الحياتية المحفوفة بالمزالق والأخطار ، لذلك تقول الآية : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
وبهذه العبارات المختصرة المقتضبة ، يطرح القرآن مسألة الامتحان الكبير بأبعاده المختلفة ، وعوامل النجاح فيه ونتائجه.
* * *
__________________
(١) قيل إن الصّلوات هنا ألوان التكريم والتأييد ورفعة المقام ، وعن ابن عباس أنّها غفران الذنوب (المنار ، ج ٢ ، ص ٤٠) ، وواضح أن الصّلوات لها مفهوم واسع يشمل هذه الأمور وسائر النعم الإلهية.