لو أن علماء اليهود والنصارى أعلنوا ما عندهم من حقائق بشأن النّبي الخاتمصلىاللهعليهوآلهوسلم، ونشروا ما جاء في العهدين من بشائر حول رسول الإسلام ، لانضوى أهل الكتاب تحت راية الإسلام ، ولأصبحوا مع المسلمين أمة واحدة.
كتمان الحقائق لا ينحصر دون شك في كتمان علامات النّبوة والبشائر بالنّبي الخاتمصلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل يشمل كتمان كل حقيقة تستطيع أن تدفع النّاس إلى الفهم الصحيح بالمعنى الواسع لهذه الكلمة.
السكوت في مواضع يجب فيها البيان قد يكون من مصاديق كتمان الحق ، وذلك يكون في موارد يحتاج النّاس فيها بشدّة إلى فهم الحقائق ويستطيع العلماء فيها أن يلبّوا هذه الحاجة.
بعبارة اخرى : نشر الحقائق التي يعاني منها النّاس لا يتوقف على السّؤال ، وما يذهب إليه صاحب المنار من أن كتمان الحقائق يكون في مواضع السؤال ليس بصحيح. خاصة وأن القرآن لا يتحدث عن كتمان الحقائق فحسب ، بل يتحدث في مواضع اخرى عن تبيين الحقائق أيضا ، وهذا يرد على أولئك الذين يلتزمون جانب الصمت أمام الانحرافات بحجّة عدم وجود سائل يطرح عليهم سؤالا بشأن تلك الانحرافات. يقول سبحانه:(وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) (١).
جدير بالذكر أن إلهاء النّاس بالمسائل الفرعية ، لصرف أنظارهم عن المسائل السياسية الحياتية نوع من كتمان الحقائق. إذا لم يشمله فرضا تعبير «كتمان الحقائق» فهو مشمول حتما بملاك وفلسفة كتمان الحق.
__________________
(١) آل عمران ، ١٨٧.