الْأَسْبابُ)
واضح أن المعبودين هنا ليسوا الأصنام الحجرية أو الخشبية ، بل الطغاة الجبابرة الذين استعبدوا النّاس ، فقدم لهم المشركون فروض الولاء والطاعة ، واستسلموا لهم دون قيد أو شرط.
هؤلاء الغافلون المغفّلون حين يروا ما حلّ بهم يمنّون أنفسهم : (وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا) لكنها أمنية لا تتحقق ، وعبرت آية اخرى عن مثل هذا التمني على لسان كافر يقول لمعبوده المزيف : (حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) (١).
ثم تقول الآية : (كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ ، وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ).
ليس لهم إلّا أن يتحسّروا ، يتحسّرون على أموالهم التي كنزوها واستفاد منها غيرهم...وعلى فرصة الهداية والنجاة التي هيئت لهم فلم يستثمروها ... وعلى عبادتهم لآلهة زائفة بدل عبادة الله الواحد الأحد.
لكنّها حسرة غير نافعة ... فاليوم الجزاء على ما جنته يد الإنسان من أخطاء ، وليس يوم تلافي الأخطاء.
* * *
__________________
(١) الزخرف ، ٣٨.