هنا فإنها مستحبة استحبابا مؤكدا ، ولو كانت واجبة لقالت الآية ، «حقّا على المؤمنين».
٢ ـ قيل أيضا : إن هذه الآية نزلت قبل نزول أحكام الإرث ، وكانت الوصية آنئذ واجبة ، كي لا يقع نزاع بين الورثة. ثم نسخ هذا الوجوب بعد نزول آيات الإرث ، وأصبح حكما استحبابيا. وفي تفسير «العيّاشي» حديث يؤيّد هذا الاتجاه.
٣ ـ يحتمل أيضا أن يكون حديث الآية عن موارد الضرورة والحاجة ، أي حين يكون الإنسان مدينا ، أو في ذمته حق ، والوصية واجبة في هذه الحالات.
يبدو أن التّفسير الأول أقرب من بقية التفاسير.
يلفت النظر أن الآية الكريمة عبرت عن المال بكلمة «خير» فقالت : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً). وهذا يعني أن الإسلام يعتبر الثروة المستحصلة عن طريق مشروع ، والمستخدمة على طريق تحقيق منافع المجتمع ومصالحه خيرا وبركة. ويرفض النظرات الخاطئة التي ترى الثروة شرا ذاتيا ، ويردّ على أولئك المتظاهرين بالزهد ، القائلين إن الزهد مساو للفقر ، مسببين بذلك ركود المجتمع الإسلامي اقتصاديا ، ومؤدين بمواقفهم الانزوائية إلى فسح المجال لاستثمار الطامعين خيرات أمتهم.
هذا التعبير يشير ضمنيا إلى مشروعية الثروة ، لأن الأموال غير المشروعة ليست خيرا بل شرا وبالا.
ويستفاد من بعض الروايات أن تعبير «خيرا» يراد به الأموال الموفورة ، لأن المال اليسير لا يحتاج إلى وصية ، ويستطيع الورثة أن يقسّموه بينهم حسب قانون الإرث. بعبارة اخرى المال اليسير ليس بشيء يستدعي أن يفصل الإنسان ثلثه