بتلاعب الوصي) لا إثم عليهم ، بل الإثم على الوصيّ المحرّف ، ولا تناقض بين التّفسيرين ، فالآية تجمع التّفسيرين معا.
بيّن القرآن فيما سبق الأحكام العامّة للوصية ، وأكد على حرمة كل تبديل فيها ، ولكن في كل قانون استثناء ، والآية الثالثة من آيات بحثنا هذا تبين هذا الاستثناء وتقول:(فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
الاستثناء يرتبط بالوصية المدونة بشكل غير صحيح ، وهنا يحق للوصي أن ينبّه الموصي على خطئه إن كان حبّا ، وأن يعدّل الوصيّة إن كان ميتا ، وحدّد الفقهاء مواضع جواز التعديل فيما يلي :
١ ـ إذا كانت الوصيّة تتعلق بأكثر من ثلث مجموع الثروة ، فقد أكدت نصوص المعصومين على جواز الوصية في الثلث ، وحظرت ما زاد على ذلك (١).
من هنا لو وصّى شخص بتوزيع كل ثروته على غير الورثة الشرعيين ، فلا تصح وصيته ، وعلى الوصي أن يقلل إلى حدّ الثلث.
٢ ـ إذا كان في الوصية ما يؤدي إلى الظلم والإثم ، كالوصية بإعانة مراكز الفساد ، أو الوصية بترك واجب من الواجبات.
٣ ـ إذا أدت الوصية إلى حدوث نزاع وفساد وسفك دماء ، وهنا يجب تعديل الوصية بإشراف الحاكم الشرعي.
عبرت الآية «بالجنف» عن الانحرافات التي تصيب الموصي في وصيته عن سهو ، و «بالإثم» عن الانحرافات العمدية.
عبارة (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) تشير إلى ما قد يقع فيه الوصي من خطأ غير عمدي عند ما يعدّل الوصية المنحرفة ، وتقول : إن الله يعفو عن مثل هذا الخطأ.
* * *
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١٣ ، ص ٣٦١ (كتاب أحكام الوصايا ، الباب العاشر).