... صفاء النظرة ، وقوة الشخصية ، والإنشراح والسرور ، والثقة بالنفس ، والاستعداد للهداية ، واستقبال الحوادث بصدر رحب ، كل هذه مظاهر لكنز عظيم دفين في نفوسنا. وانطلاقا من هذه القوّة يستطيع حتى الأفراد المتخلفون أن يستثمروا طاقاتهم العقلية والأخلاقية بشكل أفضل ، وأكثر. لكن الأفراد الذين يفهمون الدعاء حق فهمه قليلون جدا ـ مع الأسف ـ في عالمنا اليوم» (١).
ممّا تقدم نفهم الرد على من يقول أن الدعاء يخالف روح الرضا والتسليم ، لأن الدعاء ـ ما ذكرنا ـ نوع من كسب القابلية على تحصيل سهم أكبر من فيض الله اللامتناهي.
بعبارة اخرى : الإنسان ينال بالدعاء لياقة أكبر للحصول على فيض الباري تعالى. وواضح أن السعي للتكامل ولكسب مزيد من اللياقة هو عين التسليم أمام قوانين الخليقة ، لا عكس ذلك.
أضف إلى ذلك ، الدعاء نوع من العبادة والخضوع والطاعة ، والإنسان ـ عن طريق الدعاء ـ يزداد ارتباطا بالله تعالى ، وكما أن كلّ العبادات ذات أثر تربوي كذلك الدّعاء له مثل هذا الأثر.
والقائلون أن الدعاء تدخّل في أمر الله وأن الله يفعل ما يشاء ، لا يفهمون أن المواهب الإلهية تغدق على الإنسان حسب استعداده وكفاءته ولياقته ، وكلّما ازداد استعداده ازداد ما يناله من مواهب.
لذلكيقول الإمام الصادق عليهالسلام : «إنّ عند الله عزوجل منزلة لا تنال إلّا بمسألة»(٢).
ويقول أحد العلماء : «حينما ندعو فإننا نربط أنفسنا بقوة لا متناهية تربط جميع الكائنات مع بعضها» (٣).
__________________
(١) الدعاء للكسيس كاريل.
(٢) أصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٣٣٨ ، باب فضل الدعاء والحثّ عليه ، حديث ٣.
(٣) آئين زندگي (فارسي) ، ص ١٥٦.