اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ) ... (١).
وهناك ملاحظة تؤيد ما ذهبنا إليه في تفسير معنى الحروف المقطعة ، وهي أن هذه الحروف في السور الأربع والعشرين التي ذكرناها ، يتلوها مباشرة ذكر لعظمة القرآن ، وهذا يدل على الارتباط بين الحروف المقطعة وعظمة القرآن. وعلى سبيل المثال نذكر الآيات التالية :
١ ـ (الر ، كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (٢).
٢ ـ (طس ، تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ) (٣).
٣ ـ (الم ، تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) (٤).
٤ ـ (المص ، كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) (٥).
* * *
بعد البسملة وذكر الآية الاولى من سورة البقرة يقول تعالى : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ). قد يشير هذا التعبير إلى أن الله تعالى وعد نبيّه أن ينزّل عليه كتابا يهتدي به من طلب الحق ، ولا يشك فيه من كان له قلب أو ألقى السمع وهو بصير ، وها هو سبحانه قد وفى بوعده الآن.
وقوله : (لا رَيْبَ فِيهِ) ليس ادعاء ، بل تقرير لحقيقة قرآنية مشهودة ، هي إنّ القرآن يشهد بذاته على حقّانيته. وبعبارة اخرى فإن مظاهر الصدق والعظمة والانسجام والاستحكام وعمق المعاني وحلاوة الألفاظ والعبارات وفصاحتها من الوضوح بدرجة تبعد عنه كلّ شك.
من المشهود أن مرّ العصور وكرّ الدهور لم يقلل من طراوة القرآن ، بل إن
__________________
(١) توحيد الصدوق ، ص ١٦٢ ، ط سنة ١٣٧٥ ه. ق ..
(٢) هود ، ١ ـ ٢.
(٣) النمل ، ١ ـ ٢.
(٤) لقمان ، ١ ـ ٢.
(٥) الأعراف ، ١ ـ ٢.