.................................................................................................
______________________________________________________
وطلب تحصيل الانصراف يدلّ على أنّه كان غير حاصل وإلّا لاستحال طلبه ، فكان الخبر دالاً على عدم الخروج من الصلاة حتى يأتي بالمخرج ولا مخرج بعد التشهّد سوى التسليم.
وثانياً : انّ الظاهر من جملة من الأخبار أنّ الانصراف حقيقة في التسليم ، ففي صحيح الحلبي (١) عن «الصادق عليهالسلام : كلّما ذكرت الله عزوجل والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو من الصلاة ، فإن قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت». وأصرح منه خبر أبي كهمس (٢) حيث «سأل الصادق عليهالسلام عن السلام عليك أيّها النبي انصراف هو؟ فقال : لا ولكن إذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو انصراف». ومثله صحيح (٣) أبي بصير وموثّقته ، فقد حكم الشارع بأنّ الانصراف لا يتحقّق بالسلام عليك وأنّه منحصر في السلام علينا وأنّه هو الانصراف ، فكيف يصحّ لنا أن نقول إنّه يتحقّق بالفراغ من التشهّد وأخبارهم يفسّر بعضها بعضاً.
وثالثاً : بأنّا لو سلّمنا بأنّ المراد من الانصراف المعنى اللغوي وأنّ المقام مقام إطلاق لكنّا نقول إنّ المطلق ينصرف إلى الشائع المتعارف وما هو إلّا الانصراف بالتسليم ، والإطلاق والعموم لو سلّمناهما في المقام قلنا إنّهما ليسا بمكانة التصريح الوارد في الخبر الصحيح وخبر أبي كهمس وغيرهما ، على أنّا نقول المأمور به إمّا التسليم فقط أو غيره أو الأعمّ منهما ، والأخيران فاسدان وإلّا لزم الأمر بالمرجوح وترك الراجح أو مساواته له وهما باطلان ، سلّمنا ولكن يصير التسليم واجب تخييراً وهذا مذهب أبي حنيفة (٤) وشناعته ظاهرة وليس مذهب
__________________
(١ و ٢) وسائل الشيعة : ب ٤ من أبواب التسليم ح ١ و ٢ ج ٤ ص ١٠١٢.
(٣) ما ذكره الشارح من صحيحة أبي بصير وموثّقته لعلّه اصطلح على غير ما هو المعمول عند القوم ، وإلّا فإحدى الروايتين ضعيفة لأنّ في سندها محمّد بن سنان وهو ضعيف حسب مبنى أكثر القوم ، والاخرى موثّقة لروايتها الثقات المرضيون عند القوم ، فراجع وسائل الشيعة : ب ٢ من أبواب التسليم ح ٨ ج ٤ ص ١٠٠٨ ، وباب ٤ من أبواب التسليم ح ٥ ج ٤ ص ١٠١٣.
(٤) مذهب أبي حنيفة في السلام على ما حكاه عنه جماعة منهم الكاساني في بدائع الصنائع : ج ١ ص ١٩٤ ، والمرغياني في الهداية : ج ١ ص ٥٣ ، والنووي في المجموع : ج ١ ص ٤٨١ ،