فوائد
الأولى : أكثر الأقسام المحذوفة الفعل في القرآن ؛ لا تكون إلا بالواو ، فإذا ذكرت الباء أتي بالفعل ؛ كقوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ [جَهْدَ أَيْمانِهِمْ]) (١) (النحل : ٣٨) و (يَحْلِفُونَ بِاللهِ) (التوبة : ٦٢). ولا تجيء (٢) الباء والفعل محذوفا إلا قليلا ؛ وعليه حمل ٣ / ٤٤ بعضهم قوله : (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ) (لقمان : ١٣) (٣) [وقال : الباء باء القسم ؛ وليست متعلّقة ب «تشرك» ، وكأنّه يقول : (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ) ثم] (٣) ابتدأ فقال : (بِاللهِ) لا تشرك ؛ وحذف «لا تشرك» لدلالة الكلام عليه : وكذلك قوله : (ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) (الزخرف : ٤٩) ؛ قيل : إن قوله : [١٦٩ / أ] «بِما عَهِدَ» قسم ؛ والأولى أن يقال : إنه سؤال لا قسم.
وقوله : (ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ) (المائدة : ١١٦) فتقف على (لِي) وتبتدئ (بِحَقٍ) فتجعله قسما.
هذا مع قول النحويين : إن الواو فرع الياء ؛ لكنه قد يكثر الفرع في الاستعمال ويقلّ الأصل.
الثانية : قد علمت أن القسم إنما جيء به لتوكيد المقسم عليه ؛ فتارة يزيدون فيه للمبالغة في التوكيد ، وتارة يحذفون منه للاختصار وللعلم بالمحذوف.
فما زادوه لفظ «إي» بمعنى «نعم» كقوله تعالى : (قُلْ إِي وَرَبِّي) (يونس : ٥٣).
ومما يحذفونه فعل القسم وحرف الجر ، ويكون الجواب مذكورا ، كقوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ) (الأحزاب : ٢١) أي «والله».
وقوله : (لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ) (الشعراء : ٤٩) ، (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) (العلق : ١٥) ، (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ) (يوسف : ٣٢).
٣ / ٤٥ وقد يحذفون الجواب ويبقون القسم للعلم به ، كقوله تعالى : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٢) في المخطوطة «تجد».
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.