ومنها زيادة الردّ على الخصم ، كقوله تعالى : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها ...) (البقرة : ٧٢) الآية فقوله : (وَاللهُ مُخْرِجٌ) (البقرة : ٧٢) اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه. ٣ / ٥٩
وفائدته أن يقرّر (١) [في أنفس المخاطبين أن تدارؤ بني إسرائيل في قتل تلك] (١) الأنفس (٢) لم يكن نافعا لهم في إخفائه وكتمانه ، لأن الله تعالى مظهر لذلك ومخرجه ، ولو جاء الكلام خاليا من هذا الاعتراض لكان (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها) (البقرة : ٧٢) (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها) (البقرة : ٧٣).
وقوله : (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ) (النحل : ١٠١) ، فاعترض بين «إذ» وجوابها بقوله : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ) (النحل : ١٠١) ؛ فكأنه أراد أن يجيبهم عن دعواهم فجعل الجواب اعتراضا.
قوله (٣) : (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) (الزمر : ٤٥) إلى قوله : (بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (الزمر : ٤٩).
٣ / ٦٠ وقوله : (قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (الزمر : ٤٦) إلى قوله : (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (الزمر : ٤٨) اعتراض في أثناء الكلام. وهو قوله : (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ) (الزمر : ٤٥) الآية ، وذلك لأن قوله : (فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ) (الزمر : ٤٩) سبب عن قوله : (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ) (الزمر : ٤٥) على معنى أنهم يشمئزّون من توحيد الله تعالى ، ويستبشرون بالشرك الذي هو ذكر الآلهة ؛ فإذا مسّ أحدهم ضرّ أو أصابته شدّة تناقض في دعواه ، فدعا من اشمأز من ذكره وانقبض من توحيده ولجأ إليه دون الآلهة ، فهو اعتراض بين السبب والمسبب ، فقيّد القول بما فيه من دعاء النبي صلىاللهعليهوسلم بأمره بذلك ، وبقوله (أَنْتَ تَحْكُمُ) [١٧٢ / أ](بَيْنَ عِبادِكَ) (الزمر : ٤٦) ثم عقبه من الوعيد العظيم أشدّ التأكيد وأعظمه وأبلغه ؛ ولذلك كان اتصال قوله : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ) (الزمر : ٨) للسبب الواقع فيها ، وخلوّ الأول ، منه من الأمر اشتراك (٤) جملة مع جملة ، ومناسبة أوجبت العطف بالواو الموضوعة لمطلق الجمع ، كقولهم : قام زيد وعمرو. وتسبيب السبب مع ما في ظاهر الآية من
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٢) في المخطوطة «النفس».
(٣) في المخطوطة «وقوله».
(٤) في المخطوطة «اشتراكه».