الله سبحانه ؛ (١) [فأما في قوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ) (آل عمران : ١٥٩) فيمكن أن تكون استفهامية للتعجب ، والتقدير «فبأي رحمة»؟ فجعل الزائد مهملا ،] (١) وليس كذلك ، لأن الزائد ما أتي [به] (٣) لغرض التقوية والتوكيد ، والمهمل ما لم تضعه العرب ، وهو ضدّ المستعمل ، وليس المراد من الزيادة [ما أتى] (٤) حيث ذكرها النحويون إهمال اللفظ ، ولا كونه لغوا فتحتاج إلى التنكّب (٥) عن التعبير بها إلى غيرها ؛ فإنّهم (٦) إنما سمّوا «ما» (٦) زائدة هنا لجواز تعدّي العامل قبلها إلى ما بعدها ، [لا] (٧) لأنها ليس لها معنى.
وأما ما قاله في الآية : إنّها للاستفهام [١٧٤ / ب] التعجّبي ، فقد انتقد عليه بأن قيل : تقديره «فبأي رحمة» دليل على أنه جعل «ما» مضافة للرحمة ، وأسماء الاستفهام التعجبي لا يضاف منها غير «أيّ» ؛ وإذا لم تصح الإضافة كان ما بعدها بدلا منها ، والمبدل من اسم الاستفهام يجب معه ذكر همزة الاستفهام ، وليست الهمزة مذكورة ، فدل على بطلان هذه الدعوى ؛ وسنبين في فصل زيادة الحروف الفائدة في إدخال «ما» هاهنا ، فانظره هناك.
تنبيهات
الأول : أهل الصناعة يطلقون الزائد على وجوه : منها ما يتعلق به هنا وهو ما أقحم تأكيدا (٨) ، نحو : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ) (آل عمران : ١٥٩) (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً) (البقرة : ٢٦) (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشورى : ١١).
٣ / ٧٤ ومعنى كونه زائدا أنّ أصل المعنى حاصل بدونه دون التأكيد ؛ فبوجوده حصل فائدة التأكيد ، والواضع الحكيم لا يضع الشيء إلا لفائدة.
وسئل بعض العلماء عن التوكيد بالحرف ، وما معناه ؛ إذ إسقاط الحرف لا يخلّ بالمعنى؟ فقال : هذا يعرفه أهل الطباع إذ يجدون أنفسهم بوجود الحرف على معنى زائد لا
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) ساقط من المطبوعة.
(٥) في المخطوطة «التنكيت».
(٦) عبارة المخطوطة «ما سمّوها».
(٧) ساقطة من المخطوطة.
(٨) في المخطوطة للتأكيد.