شَيْءٍ) (الحديد : ٢٩) ؛ ويكون هذا من وقوع النفي على العلم ، (١) [والمراد ما وقع عليه العلم] (١) كقوله : «ما علمت أحدا يقول ذلك إلا زيدا» فأبدلت من الضمير الذي في «يقول» ما بعد «إلا» ؛ وإن كان البدل لا يكون إلا في النفي ؛ فكما كان النفي هنا واقعا على العلم ، وحكم لما وقع عليه العلم (٢) [بحكمه ، كذلك يكون تأكيد النفي أيضا على ما وقع عليه العلم ، ويحكم للعلم بحكم النفي ، فيدخل على العلم توكيد النفي ، والمراد تأكيد نفي ما دخل عليه العلم] (٢).
٣ / ٧٩ وإذا كانوا قد زادوا «لا» في الموجب المعنى لما توجه عليه فعل منفيّ في المعنى ؛ كقوله تعالى : (ما مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ) (الأعراف : ١٢) ، المعنى «أن تسجد» ، فزاد «لا» تأكيدا للنفي المعنوي الذي تضمنه «منعك» ؛ فكذلك تزاد «لا» في العلم الموجب توكيدا للنفي الذي تضمنه الموجّه عليه.
قال الشّلوبين (٣) : وأما زيادة [١٧٥ / ب] «لا» في قوله : (لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) (الحديد : ٢٩) ؛ فشيء متفق عليه ؛ وقد نصّ عليه سيبويه ، ولا يمكن أن تحمل الآية إلا على زيادة «لا» فيها ، لأن ما قبله من الكلام وما بعده يقتضيه.
ويدل عليه قراءة ابن عباس وعاصم الجحدري (٤) : «ليعلم أهل الكتاب» وقرأ ابن مسعود وابن جبير «لكي يعلم» (٥) وهاتان القراءتان تفسير لزيادتها ؛ وسبب النزول يدل على ذلك أيضا ؛ وهو أن المشركين كانوا يقولون : إن الأنبياء منّا ، وكفروا مع ذلك بهم (٦) ، فأنزل الله تعالى : (لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ ...) (الحديد : ٢٩) الآية.
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٣) تقدم ذكره في ٢ / ٣٦٤.
(٤) في المطبوعة «عاصم والحميدي» والتصويب ما ورد في المخطوطة «عاصم الجحدري» والجحدري هو : عاصم بن أبي الصباح العجاج تقدم ذكره في ١ / ٣٤٧. ذكر قراءته ابن خالويه في كتابه «مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع» ص : ١٥٣ قال : «ليي يعلم بياءين الجحدري كأنه قلب الهمزة ياء» انتهى. وذكره أبو حيّان في البحر المحيط ٨ / ٢٢٩ عند تفسير قوله تعالى (لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ ...) الآية قال : « ... والجحدري لينيعلم أصله «لأن يعلم» قلب الهمزة ياء لكسرة ما قبلها وأدغم النون في الياء بغير غنة».
(٥) ذكرها ابن خالويه في كتابه «مختصر في شواذ القرآن» ص : ١٥٢. «شواذ سورة الحديد» وأبو حيّان في «البحر المحيط» ٨ / ٢٢٩. آخر تفسير سورة الحديد.
(٦) أورد سبب النزول بمعناه الطبري في جامع البيان ٢٧ / ١٤٣ عند تفسير الآية. والقرطبي أيضا في تفسيره الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ٢٦٨ ، ولكن ورد في الموضعين أن اليهود هم الذين قالوا ذلك وهو الصواب.