العاشر : ذكر الحكم الكونيّ أو الشرعيّ عقب الوصف المناسب له ، فتارة يذكر بأن ، وتارة بالفاء [١٧٩ / أ] ، وتارة يجرّد.
فالأول : كقوله تعالى : (وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) (الأنبياء : ٨٩) إلى قوله : (خاشِعِينَ) (الأنبياء : ٩٠). وقوله : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ) (الذاريات : ١٥ ـ ١٦).
والثاني : كقوله : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) (المائدة : ٣٨). (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) (النور : ٢).
والثالث : كقوله : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* ادْخُلُوها بِسَلامٍ) (الحجر : ٤٥ ـ ٣ / ١٠٠ ٤٦). (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة : ٢٧٧).
الحادي عشر : تعليله سبحانه عدم الحكم بوجود المانع منه ؛ كقوله تعالى : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ ...) (الزخرف : ٣٣) الآية.
وقوله : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) (الشورى : ٢٧) ، (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ) (الإسراء : ٥٩) ، أي آيات الاقتراح ، لا الآيات الدالّة على صدق الرسل التي تأتي منه سبحانه ابتداء.
وقوله : (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ) (فصلت : ٤٤).
وقوله : (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ) (الأنعام : ٨) ، فأخبر سبحانه عمّا يمنع من إنزال الملك (١) [عيانا بحيث يشاهدونه ، وإنّ عنايته وحكمته بخلقه اقتضت منع ذلك ؛ بأنه لو أنزل عليه الملك] (١) ثم عاينوه ولم يؤمنوا به لعوجلوا بالعقوبة ، وجعل الرسول بشرا ليمكنهم التّلقّي عنه والرجوع إليه ، ولو جعله ملكا ؛ فإمّا أن يدعه على هيئته الملكية ، أو يجعله على هيئة البشر ؛ والأول يمنعهم من التلقّي عنه ، والثاني لا يحصل مقصوده (٢) ؛ إذا كانوا يقولون : هو بشر لا ملك.
***
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٢) في المخطوطة «مقصودهم».