ونسيت ؛ فلما كان الضلال سببا للإذكار جعل موضع العلة [كما] (١) ، تقول : «أعددت هذه الخشبة أن تميل الحائط فأدعم بها» ؛ فإنما أعددتها للدّعم لا للميل ؛ و (٢) أعددت هذا الدواء أن أمرض فأداوى به ونحوه ، هذا قول سيبويه والبصريين (٢).
وقال الكوفيون : تقديره في «تذكّر إحداهما الأخرى» إن ضلّت ، فلمّا تقدم الجزاء اتصل بما قبله ، ففتحت أن.
الثامن : «من أجل» في قوله تعالى : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ) (المائدة : ٣٢) فإنه لتعليل الكتب ، وعلى هذا فيجب الوقف على : (مِنَ النَّادِمِينَ) (المائدة : ٣١). وظن قوم أنه تعليل لقوله : (مِنَ النَّادِمِينَ) ؛ أي من أجل قتله لأخيه ؛ وهو غلط ، لأنه يشوّش صحّة النظم ويخلّ بالفائدة.
فإن قلت : كيف يكون قتل أحد ابني آدم للآخر علة للحكم على أمّة أخرى بذلك الحكم؟
وإذا كان علّة فكيف كان قتل (٣) نفس واحدة بمنزلة قاتل الناس كلّهم؟
قيل : إن الله ـ سبحانه ـ يجعل أقضيته وأقداره عللا لأسبابه الشرعية وأمره ، فجعل حكمه الكوني القدريّ علة لحكمة أمره الديني (٤) ؛ لأن القتل لما كان من أعلى أنواع الظلم والفساد ، فخم أمره ، وعظم شأنه ، وجعل إثمه أعظم من إثم غيره ، ونزّل قاتل النّفس الواحدة منزلة قاتل الأنفس كلّها في أصل العذاب ؛ لا في وصفه. ٣ / ٩٩
التاسع : التعليل بلعلّ ، كقوله تعالى : (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة : ٢١) ، قيل : هو تعليل لقوله : (اعْبُدُوا) (البقرة : ٢١) ، وقيل لقوله : (خَلَقَكُمْ).
وقوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة : ١٨٣) ؛ حيث لمح فيها معنى الرجاء رجعت (٥) إلى المخاطبين.
__________________
(١) ساقطة من المطبوعة.
(٢) اضطربت عبارة المخطوطة كما يلي : «وإن أعددت من هذا الدواء أن أمرض فيما يداوى ونحوه من هذا القول سيبويه والبصريين».
(٣) في المخطوطة «قاتل».
(٤) عبارة المخطوطة «الديني الأمري».
(٥) في المخطوطة «وحيث».