وكذلك قوله تعالى : (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) (يونس : ٦٥) والوقف على القول في هاتين الآيتين والابتداء بإنّ لازم.
وقد يكون علة [لعلّة] (١) كقوله : (إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً* إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) (الفرقان : ٦٥ ـ ٦٦).
وفيها وجهان لأهل المعاني.
٣ / ٩٧ أحدهما : أن سؤالهم لصرف العذاب معلّل بأنه غرام ، أي ملازم الغريم ، وبأنها ساءت مستقرا ومقاما.
الثاني : أنّ «ساءت». تعليل لكونه غراما.
السابع : أن والفعل المستقبل بعدها ؛ تعليلا لما قبله ، كقوله تعالى : (أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا) (الأنعام : ١٥٦).
وقوله تعالى : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) (الزمر : ٥٦).
وقوله : (تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ) (التوبة : ٩٢) كأنه قيل : لم فاضت أعينهم من الدمع؟ قيل : للحزن ، فقيل : لم حزنوا؟ فقيل : لئلا يجدوا.
وقوله : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) (البقرة : ٢٨٢).
ونظائره كثيرة. وفي ذلك طريقان :
أحدهما : للكوفيين ، أنّ المعنى لئلاّ يقولوا ، ولئلاّ تقول نفس.
الثاني : للبصريين ، أنّ المفعول له محذوف ؛ أي كراهة (٢) أن يقولوا ، أو حذار أن يقولوا.
فإن قيل : كيف يستقيم الطريقان في قوله : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى)؟ (البقرة : ٢٨٢) فإنك إذا قدرت : «لئلا تضلّ إحداهما» لم يستقم عطف «فتذكر» عليه ؛ وإن قدّرت «حذار أن تضل إحداهما» لم يستقم العطف أيضا ؛ لأنه لا يصحّ أن تكون الضلالة علّة لشهادتهما.
٣ / ٩٨ قيل : بظهور المعنى يزول الإشكال ، فإن المقصود إذكار إحداهما الأخرى إذا ضلّت
__________________
(١) ساقط من المطبوعة.
(٢) في المخطوطة «كراهية».