إليها الفعل وقطع (١) النظر عنه ، فلذلك (٢) أنّث الفعل في بعض الصور ، كقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) (المائدة : ٣) ، وقول صاحب (٣) «التلخيص» : إن هذه الآية من باب دلالة العقل ممنوع (٤) ، لأن العقل لا يدرك محل الحلّ ولا الحرمة ، فلهذا جعلناه من دلالة العادة الشرعية.
ومنها : أن يدلّ العقل عليهما ، أي على الحذف والتعيين ، كقوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ) (الفجر : ٢٢) ، أي أمره أو عذابه أو ملائكته ؛ لأن العقل دلّ على أصل الحذف ، والاستحالة مجيء البارئ عقلا ؛ لأن المجيء من سمات الحدوث. ودل العقل أيضا على التعيين ، وهو الأمر ونحوه ، وكلام الزمخشريّ (٥) يقتضي أنه لا حذف البتة ؛ فإنه قال : هذه الآية الكريمة تمثيل ؛ مثّلت حاله سبحانه وتعالى في ذلك (٦) بحال الملك الملك إذا حضر بنفسه.
وكقوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ (٧) [لَفَسَدَتا) (الأنبياء : ٢٢) ؛ المقدمة الثانية وهو لكنها لم تفسد فلم يكن فيها آلهة إلا الله] (٧) ؛ لأنه في معرض التوحيد ، فعدم الفساد دليل على عدم تعدد الآلهة ، وإنما حذف لأن انتفاء اللازم يستلزم انتفاء الملزوم ضرورة ، ولذلك لم يذكر المقدمة الثانية عند استعمال الشرط بلوغا لها (٨).
ومنها : أن يدلّ العقل على أصل الحذف ، وتدلّ عادة الناس على تعيين المحذوف ،
__________________
(١) في المخطوطة (وقع).
(٢) في المخطوطة (فلذا).
(٣) هو محمد بن عبد الرحمن بن عمر قاضي القضاة جلال الدين القزويني قدم دمشق من بلاده هو وأخوه قاضي القضاة إمام الدين ، ثم ناب في القضاء بدمشق عنه ، ثم عن قاضي القضاء نجم الدين ابن صصرى ثم ولي خطابة دمشق ، وكان رجلا فاضلا متفننا له مكارم وسؤدد وهو مصنف كتاب «التلخيص في المعاني والبيان» و «الإيضاح (السبكي ، طبقات الشافعية ٥ / ٢٣٨ ـ ٢٣٩) وكتابه طبع بشرح عبد الرحمن البرقوقي بالقاهرة بمطبعة النيل عام ١٣٢٢ ه / ١٩٠٤ م وأعيد طبعه في القاهرة عام ١٣٥٠ ه / ١٩٣٢ م ، وصور في بيروت بدار الكتاب العربي عام ١٤٠٠ ه / ١٩٨٠ م و١٤٠٤ ه / ١٩٨٤ م ، وبدار الفكر عام ١٤٠١ ه / ١٩٨١ م وانظر قوله ص ٢٢٠ ، الإيجاز والإطناب والمساواة.
(٤) في المخطوطة (مضمون) تصحيف.
(٥) انظر الكشاف ٤ / ٢١١.
(٦) تصحفت في المخطوطة إلى (القمر) والتصويب من الكشاف.
(٧) ما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة.
(٨) في المخطوطة (يكون غالبا) بدل (بلوغا لها).