كقوله تعالى : (فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) (يوسف : ٣٢) ؛ فإن يوسف عليهالسلام ليس ظرفا للومهنّ (١) ؛ فتعيّن أن يكون غيره ؛ فقد دلّ العقل على أصل الحذف. ثم يجوز أن يكون الظرف حبّه ، بدليل : (شَغَفَها حُبًّا) (يوسف : ٣٠) ، أو مراودته (٢) بدليل : (تُراوِدُ فَتاها) (يوسف : ٣٠) ، ولكن (٣) العقل لا يعيّن واحدا منها (٤) ؛ بل العادة دلّت على أن المحذوف هو الثاني ، فإن الحبّ لا يلام (٥) عليه صاحبه ؛ لأنه (٦) يقهره ويغلبه ، وإنما (٧) اللوم فيما للنفس (٨) فيه اختيار ، وهو المراودة ، لقدرته على دفعها. ٣ / ١١٠
ومنها : أن تدلّ العادة على تعيين المحذوف ، كقوله تعالى : ([قالُوا] (٩) لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً) (آل عمران : ١٦٧) ، أي مكان قتال ، والمراد مكانا صالحا للقتال ، لأنهم كانوا أخبر الناس بالقتال ؛ والعادة تمنع أن يريدوا : لو نعلم حقيقة القتال ؛ فلذلك قدّره مجاهد : «مكان قتال».
وقيل : إنّ تعيين المحذوف هنا من دلالة السياق لا العادة.
ومنها : أن يدلّ اللفظ على الحذف ، والشروع في الفعل على تعيين المحذوف كقوله : (بِسْمِ اللهِ) (الفاتحة : ١) فإن اللفظ يدل على أن فيه حذفا ؛ لأنّ حرف الجر لا بدّ له من متعلق ودلّ الشروع على تعيينه ؛ وهو الفعل الذي جعلت (١٠) التسمية في مبدئه ؛ من قراءة ، أو أكل أو شرب ونحوه ، ويقدر في كل موضع ما يليق ، ففي القراءة : أقرأ ، وفي الأكل : آكل ؛ ونحوه.
وقد اختلف : هل يقدّر الفعل أو الاسم [١٨١ / أ]؟ وعلى الأول ، فهل يقدّر عام كالابتداء أو خاص كما ذكرنا؟
ومنها اللغة كضربت ؛ فإن اللغة قاضية أن الفعل المتعدّي لا بدّ له من مفعول ؛ نعم هي تدلّ على أصل الحدث لا تعيينه. وكذلك حذف المبتدإ والخبر (١١).
__________________
(١) في المخطوطة (للّوم).
(٢) في المخطوطة (فراودته).
(٣) في المخطوطة (لكن).
(٤) في المخطوطة (منهما).
(٥) في المخطوطة (يلزم).
(٦) في المخطوطة (فإنه).
(٧) في المخطوطة (وأما).
(٨) في المخطوطة (للتعيين).
(٩) ليست في المطبوعة.
(١٠) في المخطوطة (حصلت).
(١١) في المخطوطة (أو الخبر).