وأورد عليه (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) (النساء : ١٢٧) ، فحذف الحرف.
٣ / ١١٤ وجوابه أنّ النساء يشتملن على وصفين ، وصف الرغبة فيهنّ وعنهنّ ، فحذف للتعميم. وشرط بعضهم في الدليل اللفظيّ أن يكون على وفق المحذوف. وأنكر قول الفرّاء في قوله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ* بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) (القيامة : ٣ ـ ٤) أن التقدير : بلى حسبنا قادرين ، والحساب المذكور بمعنى الظنّ ، والمحذوف [بمعنى] (١) العلم ؛ إذ التردد في الإعادة كفر ، فلا يكون مأمورا به.
ويجاب بأن الحساب المقدّر بمعنى الجزم والاعتقاد ؛ لا بمعنى الظنّ ، وتقديره بذلك أولى ، لموافقته الملفوظ.
وقد يدلّ على المحذوف ذكره في مواضع أخر :
منها : وهو أقواها ، كقوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ) (٢) (الأنعام : ١٥٨) أي أمره ، بدليل قوله : (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) (النحل : ٣٣).
وقوله في آل عمران : (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) (آل عمران : ١٣٣) ، أي كعرض ؛ بدليل التصريح به في آية الحديد (٣).
وفيه إيجاز بليغ ؛ فإنه إذا كان العرض كذلك. فما ظنك بالطول! كقوله : (بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ) (الرحمن : ٥٤).
وقيل : إنما أراد التعظيم والسّعة (٤) [لأحقيّة العرض ، كقوله :
كأنّ بلاد الله وهي عريضة |
|
على الخائف المظلوم كفّة حابل] (٤) |
ومنها : ألاّ يكون الفعل طالبا له بنفسه ، فإن كان امتنع حذفه كالفاعل ، ومفعول ما لم يسم فاعله ، واسم كان وأخواتها ، وإنما لم يحذف لما في ذلك من نقض الغرض.
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) تصحفت الآية في المخطوطة إلى (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله أو أمره).
(٣) وهي قوله تعالى (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) [الآية : ٢٥].
(٤) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة. والبيت في الأغاني لأبي الفرج ١٢ / ٢٧ ، ينسبه لعبد الله بن الحجاج. وعجزه في الأغاني : على الخائف المطرود كفة حابل.