الضائع (١) النحويّ. (قلت) : ونظائرها قوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ) (البقرة : ٢٨٢) فإن الرجولية المثنّاة فهمت من الضمير ؛ بدليل : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) (البقرة : ٢٨٢) فالظاهر أن (٢) قوله : (رَجُلَيْنِ) حال لا خبر ، فكأن (٣) المعنى : «فإن لم يوجدا حال كونهما رجلين». ومثله قوله تعالى : (إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى) (آل عمران : ٣٦) فإنّ الأنوثة فهمت من قوله : (وَضَعَتْها).
وأورد بعضهم السؤال في الأول ؛ (فقال) : الضمير في (يَكُونا) للرّجلين ، لأن (الشّهيدين) قيّدا بأنهما من [١٤٧ / ب] الرجال ؛ فكأنّ (٤) الكلام : «فإن لم يكن الرجلان رجلين» ، وهذا محال. (وأجاب بعضهم) بما أجاب به الأخفش في آية المواريث (٥) : إنّ الخبر هنا أفاد العدد المجرّد عن الصفة. وهذا ضعيف ؛ إذ وضع فيه «الرّجلين» موضع «الاثنين» ، وهو تجوّز بعيد ؛ والذي ذكره الفارسيّ المجرّد منهما (٦) ، الرّجولية أو الأنوثية أو غيرها من الصفات ؛ فكيف يكون لفظ موضوع لصفة ما دالا على نفيها (٧)! على أنّ في جواب الفارسي هناك نظرا ؛ فإنه لم يزد على أن جعل نفس السؤال جوابا! كأنه قيل : لم ذكر العدد وهو متضمّن للضمير؟ فقال : لأنه يفيد العدد المجرد ، فلم يزد الألفاظ تجردا. (قال) : وأمّا من أجاب بأن (رَجُلَيْنِ) منصوب على الحال المبيّنة و «كان» تامة فهو أظرف من الأول ، فإنه سئل عن وجه النظم ، وأسلوب البلاغة ونفي ما لا يليق بها من الحشو ، فأجاب بالإعراب ، ولم يجب عن السؤال بشيء ؛ والذي يرد عليه وهو خبر يرد عليه وهو حال ، وما زادنا إلا التكلّف في جعله حالا. ٢ / ٤٤٠
والذي يظهر في جواب السؤال هو أن (شَهِيدَيْنِ) لما صحّ أن يطلق على المرأتين بمعنى «شخصين شهيدين» قيده بقوله تعالى : (مِنْ رِجالِكُمْ) (البقرة : ٢٨٢) ثم أعاد الضمير في قوله
__________________
(١) هو علي بن محمد الكتامي ، تقدم التعريف به في ٢ / ٣٦٤.
(٢) في المخطوطة (فإن).
(٣) في المخطوطة (لكان والمعنى) بدل (فكأن المعنى).
(٤) في المخطوطة (وكان).
(٥) يريد قوله تعالى (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ) (النساء : ١٧٦). انظر قول الأخفش ص ٢ / ٤٣٦.
(٦) في المخطوطة (منها).
(٧) في المخطوطة (نعتها).