العطف ؛ وهو الواو. ألا ترى أن ما قبلها مستأنف ، والأصل مثلك ومثلهم ؛ إلا أن يدّعي أنّ الأصل ومثلك ومثلهم ، ثم حذف «مثلك» والواو التي عطفت ما بعدها ، وبقيت الواو الأولى ؛ ويزعم أنّ الكلام ربط مع ما قبله بالواو ؛ وليس بينهما ارتباط. وفيه ما ترى (١).
وقال ابن الحاج (٢) : عندي [أنه] (٣) لا حذف في الآية ، والقصد تشبيه الكفّار في عبادتهم لأصنام (٤) بالذي (٥) ينعق بما لا يسمع ؛ فهو تمثيل داع بداع محقق لا حذف فيه ؛ والكفار على هذا داعون ؛ وعلى التأويل الأول مدعوّون (٦).
ونظيرها قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الملك : ٢٢) فإن فيه جملتين ؛ حذف نصف كل واحدة منهما (٧) اكتفاء (٨) بنصف الأخرى. وأصل الكلام : أفمن يمشي مكبّا على وجهه أهدى ممّن (٩) يمشي سويّا على صراط مستقيم ، أمّن (١٠) يمشي سويّا على صراط مستقيم أهدى ممن يمشي مكبّا!
وإنما قلنا : إن أصله هكذا ؛ لأن أفعل التفضيل لا بدّ في معناه من المفضّل [١٨٥ / ب] عليه. وهاهنا وقع السؤال عمّن في نفس الأمر : هل هذا أهدى من ذلك أم ذاك (١١) أهدى من هذا؟ فلا بد من ملاحظة أربعة أمور ، وليس في الآية إلا نصف إحدى الجملتين ونصف الأخرى ، والذي حذف من هذه مذكور في تلك ، والذي حذف من تلك
__________________
(١) في المخطوطة (نرى).
(٢) تصحفت في المطبوعة إلى (الحجاج) ، وابن الحاج هو أحمد بن محمد بن أحمد الأزدي أبو العباس الإشبيلي ، عرف بابن الحاج قرأ على أبي علي الشلوبين مقرئ ، أصولي ، محدث ، أديب ، لم يكن في أصحاب الشلوبين مثله وله على كتاب سيبويه إملاء غريب ومصنف في علم القوافي ، ومختصر لخصائص ابن جني ت ٦٤٧ ه (الفيروزآبادي ، البلغة : ٦٣).
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (للأصنام).
(٥) في المخطوطة (للذي).
(٦) في المخطوطة (يدعون).
(٧) في المخطوطة (منها).
(٨) في المخطوطة (فاكتفى).
(٩) في المخطوطة (أمّن).
(١٠) في المخطوطة (أو من).
(١١) في المخطوطة (ذلك).