جملة واحدة ، أوجب ذلك لها فضلا وطولا ؛ فخفف بالحذف ؛ خصوصا مع الدلالة على ذلك.
قالوا : وحذف الجواب يقع في مواقع التفخيم (١) والتعظيم ، ويجوز حذفه لعلم المخاطب به ، وإنما يحذف لقصد المبالغة ، لأن السامع مع أقصى تخيّله (٢) يذهب منه الذهن كلّ مذهب ، ولو صرّح بالجواب لوقف الذهن عند المصرّح به فلا يكون له ذلك الوقع ، ومن ثمّ لا يحسن تقدير الجواب مخصوصا إلا بعد العلم بالسياق ، كما قدر بعض النحويين في قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ ...) (الرعد : ٣١) الآية ، فقال : تقديره : لكان هذا القرآن وحكاه أبو عمر (٣) الزاهد في «الياقوتة» عن ثعلب والمبرّد. وهو مردود ، لأن الآية (٤) ما سيقت [لتفضيل] القرآن (٤) ، بل سيقت في معرض ذم الكفار ، بدليل قوله قبلها : (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ) (الرعد : ٣٠). ٣ / ١٨٤
وبعدها : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) (الرعد : ٣١) فلو قدر الخبر «لما آمنوا به» لكان أشدّ.
ونقل الشيخ محيي الدين النووي في كتاب «رءوس المسائل» (٥) كون الجواب «[كان] (٦) هذا القرآن» ، عن (٧) الأكثرين. وفيه ما ذكرت.
وقيل تقديره : لو قضيت أنه لا يقرأ القرآن على الجبال إلاّ سارت ورأوا ذلك ، لما آمنوا.
وقيل : جواب «لو» مقدّم ، معناه : يكفرون بالرحمن ولو أن قرآنا سيرت به الجبال ، وهذا قول الفراء.
__________________
(١) في المخطوطة (التخفيف).
(٢) في المخطوطة (التحلية).
(٣) تصحفت في المطبوعة إلى (عمرو) ، وهو محمد بن عبد الواحد المعروف بالزاهد تقدم التعريف به وبكتابه في ١ / ٣٩٣.
(٤) عبارة المخطوطة (ما سيقت للقرآن) بدون (لتفضيل).
(٥) تقدم التعريف بالكتاب في ٢ / ٧٩.
(٦) ساقطة من المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (على).