قالوا : ولا يجوز حذف الفعل مع شيء من حروف الشرط العاملة ، سوى «إن» لأنها الأصل.
وجعل ابن الزملكاني (١) هذا مما هو دائر بين الحذف والذكر ؛ فإن الفعل المفسّر كالمتسلط على المذكور ؛ ولكن لا يتعين إلا بعد تقدم إبهام ولقد يزيده الإضمار إبهاما إذا لم يكن المضمر من جنس الملفوظ به ؛ نحو : (وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (الانسان : ٣١). (٢) [إذ المذكور في حكم الشاهد للمقدر فيلتحق بباب الكناية والتقدير ويعذب الظالمين لأنه أعدّ لهم عذابا أليما] (٢).
الثاني : أن يكون هناك حرف جرّ ؛ نحو (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (الفاتحة : ١) فإنه يفيد أن المراد : بسم الله أقرأ أو أقوم ، أو أقعد عند القراءة ، وعند الشروع في القيام أو القعود ، أيّ فعل كان. ٣ / ٢٠٠
واعلم أنّ النحاة اتفقوا على أنّ «بسم الله» بعض جملة ، واختلفوا.
فقال البصريون : الجملة اسمية ؛ أي ابتدائي بسم الله.
وقال الكوفيون : الجملة فعلية ، وتابعهم الزمخشريّ (٣) في تقدير الجملة فعلية ؛ ولكن خالفهم في موضعين : أحدهما أنّهم يقدّرون الفعل مقدّما ، وهو يقدره مؤخرا. والثاني : أنّهم يقدرونه فعل البداية (٤) ، وهو يقدّره في كلّ موضع بحسبه ، فإذا قال الذابح : بسم الله ، كان التقدير : بسم الله أذبح ، وإذا قال القارئ : بسم الله ، فالتقدير : بسم الله أقرأ.
وما قال أجود مما قالوا (٥) ؛ لأن مراعاة المناسبة أولى من إهمالها ، ولأنّ اسم الله أهمّ من الفعل ، فكان أولى بالتقديم ؛ ومما يدلّ على ذلك قوله صلىاللهعليهوسلم : «باسمك ربّي وضعت جنبي» (٦) ، فقدم اسم الله على الفعل المتعلق فيه (٧) الجار ، وهو «وضعت».
__________________
(١) هو محمد بن علي بن عبد الواحد ، كمال الدين الزملكاني تقدم التعريف به في ١ / ١٣٥.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.
(٣) انظر الكشاف ١ / ٤ و٥.
(٤) في المخطوطة (البداءة).
(٥) في المخطوطة (قالوه).
(٦) أخرجه البخاري في الصحيح ١٣ / ٣٧٨ ، من حديث عن أبي هريرة أوله : «إذا جاء أحدكم فراشه فلينفضه بصنفة ثوبه ...» الحديث كتاب التوحيد (٩٧) ، باب السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها ، الحديث (١٣).
(٧) في المطبوعة (ثم).