ومنه ما يدلّ على (١) المعنى ، كقوله [تعالى] (٢) : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها) (البقرة : ٧٢) ، قال البغويّ (٣) : هذا أول القصة ، وإن كانت مؤخّرة في التلاوة.
٣ / ٢٧٧ وقال الواحدي (٤) : كان الاختلاف في القاتل قبل ذبح البقرة ، وإنما أخّر في الكلام لأنه سبحانه لما قال : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ ...) (البقرة : ٦٧) الآية علم المخاطبون أنّ البقرة لا تذبح إلا للدلالة (٥) على قاتل خفيت عينه عليهم ، فلما استقرّ [علم] (٦) هذا في نفوسهم أتبع بقوله : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها) (البقرة : ٧٢) (٧) [على جهة التوكيد ، لا أنه عرّفهم الاختلاف في القاتل بعد أنّ دلّهم على ذبح البقرة. وقيل : إنه من المؤخر الذي يراد به التقدم ، وتأويله : وإذ قتلتم نفسا فادّارأتم فيها] (٧) فسألتم (٨) موسى فقال [لكم] (٩) : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) (البقرة : ٦٧).
وأما الزمخشري (١٠) ففي كلامه ما يدلّ على أن إيرادها إنما كان يتأتّى على الوجه الواقع في القرآن ، لمعنى حسن لطيف استخرجه وأبداه.
ومنه قوله [٢١٣ / ب] تعالى : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) (الجاثية : ٢٣) ، وأصل الكلام : «هواه إلهه» ، كما تقول : اتخذ الصنم معبودا ، لكن قدّم المفعول الثاني على الأول للعناية ، كما تقول : علمت منطلقا زيدا ، لفضل عنايتك بانطلاقه.
ومنه قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ ...) (الكهف : ١) الآية ، أي أنزله قيّما ولم يجعل له عوجا. قاله جماعة منهم الواحديّ.
وردّه فخر الدين في (١١) «تفسيره» بأن قوله : (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً* قَيِّماً) (الكهف :
__________________
(١) في المخطوطة (عليه).
(٢) ليست في المخطوطة.
(٣) هو الحسين بن مسعود الفراء البغوي وانظر تفسيره ١ / ٨٤.
(٤) هو علي بن أحمد تقدم التعريف به في ١ / ١٠٥.
(٥) في المخطوطة (لدلالة).
(٦) ليست في المخطوطة.
(٧) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.
(٨) في المخطوطة (فسألهم).
(٩) ليست في المخطوطة.
(١٠) الكشاف ٣ / ٢٧٧.
(١١) انظر التفسير الكبير ٢١ / ٧٥ البحث الثالث من المسألة الثالثة من مسائل الآية بتصرف.