وقال غير ابن المنيّر في الاعتراض على الزمخشريّ : إن الجملة وإن كانت مستقلّة (١) فهي في حيّز الصلة للعطف ، فلم يقع فصل ، ويؤيد ما ذكره صاحب «الكشاف» أنّ بعض القراء يسكت عند قوله : «عوجا» ويفصل بينه وبين «قيّما» بسكتة لطيفة ، وهي رواية حفص (٢) عن عاصم ، وذلك يحتمل أن يكون لما ذكرنا من تقدير الفصل وانقطاع الكلام عمّا قبله.
قال ابن المنيّر : وتحتمل السكتة وجها آخر ، وهو أن يكون ذلك لرفع توهّم أن [يكون] (٣) «قيما» نعتا للعوج ؛ لأن النكرة تستدعي النعت غالبا ، وقد كثر في كلامهم (٤) إيلاء النكرة الجامدة نعتها ، كقوله : (صِراطاً مُسْتَقِيماً) (النساء : ٦٨) ، و (قُرْآناً عَرَبِيًّا) (يوسف : ٢) ، فإذا ولي (٥) النكرة الجامدة اسم مشتق نكرة ظهر فيه معنى الوصف ، فربما خيف اللبس في جعل «قيّما» نعتا ل «عوج» فوقع اللبس بهذه السكتة.
وهذا أيضا فيه نظر ، لأن ذلك إنما يتوهم [فيما] (٦) يصلح أن يكون وصفا ، ولا يصلح [«قيما»] (٦) أن يكون وصفا ل «عوج» فإنّ الشيء لا يوصف بضده ؛ لأن العوج (٧) لا يكون قيما ، والأولى ما ذكرناه أولا.
٣ / ٢٨٠ الثاني : نقل الإمام (٨) عن بعضهم أن «قيّما» بدل من قوله : «عوجا» ، وهو مشكل ، لأنه لا يظهر له وجه.
***
وقوله تعالى : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها) (يوسف : ٢٤) ، قيل : التقدير : لقد همّت
__________________
(١) في المخطوطة (مستقبلة).
(٢) انظر التيسير : ١٤٢.
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (كلامهم في).
(٥) في المخطوطة (أولى).
(٦) ساقطة من المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (المعوج).
(٨) هو الفخر الرازي ، وانظر تفسيره ٢١ / ٧٥ ـ ٧٦. الوجه الثالث من البحث الرابع من المسألة الثالثة من مسائل الآية.